لا يحظى أمن موظفي المحاكم بالاهتمام الكافي في معرض المطالبة بتعزيز الإجراءات الأمنية لحماية القضاة ومقار العدليات، وذلك رغم أن الإشكالات، والاعتداءات التي يتعرضون لها، تتكرر على نحو دائم على خلفية تأديتهم عملهم. وإذا كانت قصور العدل محمية بإجراءات أمنية، فإن هناك بعض المحاكم مكشوفة تماماً، ما قد «يعلّم الناس الحرام». وقد شهدت منطقة صور الأسبوع الماضي حادثتين منفصلتين، تثيران الأسئلة بشأن من يحمي الموظفين من المتقاضين؟في محكمة جويا، دخلت سيدة الى غرفة القلم بهدف الاطلاع من رئيسه على المحضر التنفيذي الذي نظمه هذا الأخير عندما رافق الخبير في مهمة حددتها له المحكمة، تمثل هي أحد أطرافها. وبينما كان رئيس القلم يطلعها على التقرير، انقضت عليه وخطفته من بين يديه وركضت مغادرة مقر المحكمة. وبمعزل عن مدى خطورة الفعل الذي قامت به تلك السيدة، الا أنها، بحسب مطلعين، لم تكن لتستطيع تنفيذ هدفها، لو أن جهاز أمن السفارات أمّن الحماية لمحكمة جويا كما يفعل بالنسبة إلى غيرها من المحاكم، إذ إن مجرد وجود رجل الأمن في المحكمة كان من دون شك سيدفعها الى التفكير ملياً قبل الإقدام على ما أقدمت عليه، ولكان في أسوأ الأحوال قد تمكن من منعها من أخذ المحضر أو من الهرب.
أوساط الموظفين توقفت عند احتمال تطور الحادث إذا اصطحبت السيدة أشخاصاً قصدوا إيذاء رئيس قلم. وإن كان الأمر قد انقضى على خير لناحية سلامة الموظف الشخصية، الا أنه لا شيء يضمن ألّا يتكرر الحادث وبمشهد أسوأ. واللافت أن السيدة التي أجرت التحقيق معها فصيلة جويا سلمت التقرير الذي اخذته عنوة، وتُركت مباشرة لقاء سند إقامة بناءً على إشارة النيابة العامة الاستئنافية، بسبب كبر سنها.
تجدر الإشارة الى أنه كانت لمحكمة جويا نقطة حراسة وحماية سابقة إلا أنها ألغيت، ما أبقى المحكمة من دون حماية، سواء خلال انعقاد جلسات المحكمة أو خلال الأيام العادية. فهل ستتحسن الأحوال في ظل ما وعد به وزير العدل شكيب قرطباوي أخيراً بشأن البحث في «تخفيف عناصر المواكبة للسياسيين من أجل زيادة عدد العناصر المكلفين حماية السجن والسجناء». الحادثة الثانية جرت في بلدة سلعا (قضاء صور)، حيث نجا مأمور التنفيذ في محكمة صور المدنية، من محاولة اعتداء عليه نفذها بعض الأشخاص أثناء محاولته تنفيذ قرار صادر عن المحكمة يقضي بإغلاق مقهى بالشمع الأحمر في البلدة. ولحسن الحظ، كان برفقة مأمور التنفيذ، هذه المرة، عنصران من قوى الأمن لمؤازرته. وهو الامتياز الذي لا يتوافر دائماً بسبب نقص عديد القوى الأمنية. مع ذلك، توافد عشرات الأشخاص من سكان الحي الذي يقع فيه المقهى وأقارب صاحبه، لمنع تنفيذ الحكم. الأمر الذي يثير تساؤلات عن مدى احترام المواطنين للقضاء والقوى الأمنية؟ إذ إن ما أنقذه من قبضات الغاضبين، ليس العنصرين بل ممثلو الأحزاب في البلدة، الذين تولوا تهدئة المتجمهرين وفضهم، وأمنوا خروجاً آمناً للمأمور ومرافقَيه من البلدة من دون أن يتمكن من تنفيذ المطلوب.