لا يفترض بقاصد قصر العدل في بيروت (وهو بالمناسبة لا يحمل من خصائص القصور إلا الاسم) أن يشعر بحاجة إلى دخول الحمّام، أيّاً تكن الأسباب. أما إذا حصل وشعر بـ«الزحمة»، فما عليه إلا مغادرة «القصر» وتدبّر الأمر لقضاء حاجته في مكان آخر. والسبب أن حمّامات قصر العدل، الذي يدخله آلاف القضاة والمحامين والمتقاضين يومياً، تتعطل باستمرار، وبشكل يكاد يكون «دورياً»! ويترافق ذلك مع روائح كريهة تزكم الأنوف وتبعث على الاشمئزاز. أما ردهات القصر ذي الجدران الكالحة فتعاني من أزمة نظافة فعلية، فيما أعقاب السجائر تملأ الأرض في كل مكان، على رغم الملصقات الكثيرة التي «ترجو» عدم فعل ذلك. قد يتبادر إلى الذهن أن غياب النظافة واستمرار الأعطال ناجمان عن غياب جهة مكلفة بشؤون الصيانة والتنظيفات. لكن، في الواقع هناك جهة تعمل لهذه الغاية، ويوجد عقد عمل رسمي معها. وإلى انعدام النظافة، هناك مشكلة انعدام الصيانة. فالمصعد الكهربائي بلا إضاءة منذ أكثر من شهر، ومن يستعمله تصعب عليه رؤية وجوه من يقلّهم المصعد معه. ولا يحتاج الأمر إلا إلى تبديل «اللمبة» المعطلة. أحد الموظفين لا يستغرب الأمر، مشيراً إلى أن عدداً من المحاكم بقيت أخيراً بلا كهرباء لمدة ثلاثة أيام، نتيجة عطل بسيط، كان يمكن إصلاحه بتبديل «الفيوز» المحروق! الأمر لا يفاجئ المدير العام لوزارة العدل القاضي عمر الناطور. يقول: «كلنا على علم بذلك، لكن كيف نضبط الناس؟». الناس «هم المسؤولون» بالنسبة إلى الناطور، إضافة إلى «بعض التقصير» من المسؤولين. يشكو المدير العام من سلوكيات بعض زوار العدلية، ففي إحدى المرات وضعت الحمّامات خارج الخدمة بعدما سُدّت المجاري، ليتبيّن أن إحداهنّ رمت «حفاضاً» للأطفال داخل المرحاض. يوضح الناطور أن هذه المشاكل «مستمرة منذ نحو ثلاث سنوات، ونعمل جاهدين على حلها، علماً بأن مهمة الصيانة وتحسين البناء من مسؤولية مديرية المباني في وزارة الأشغال». أحد القضاة، يخشى الشتاء كثيراً، ويوضح: «ليس من أمّ رعيدة طبعاً، بل من الماء الذي سيبدأ قريباً بالنش على رؤوسنا أثناء الجلسات. فمع كل فصل شتاء، نتلقى وعوداً بحل هذه المشكلة، لكن من دون جدوى».