بات تشبّث المزارعين البقاعيين بأرضهم ونوعية زراعاتهم، ضرباً من الجنون، فلا يكاد هؤلاء يخرجون من دائرة خسائر الأسعار المتدنية والاحتكار والمنافسة الخارجية وغياب دعم الدولة، حتى تباغتهم الكوارث الطبيعية من سيل جارف هنا، و«شلهوبة» أو موجة صقيع هناك. منذ أسبوعين، كان موعد المزارعين في سهل البقاع مع موجة صقيع قوية، حيث وصلت درجات الحرارة فيها الى خمس درجات تحت الصفر، لتفتك على نحو كبير بموسم المزروعات «اللقيسة» (المتأخرة). وهي التي يلجأ إليها المزارعون، بهدف التخلص من التضخم في الإنتاج الزراعي، وفي محاولة منهم للتعويض بأسعارها عن الخسائر التي لحقت بهم من أسعار الموسم الصيفي.
حقول البطاطا كانت في مقدمة الزراعات التي طاولتها موجة الصقيع، إضافة إلى الكوسى والخيار والقثاء واللوبياء، وحتى شتول التبغ. هكذا «طارت الرزقة قبل أن نستفتح»، يقول المزارع طوني حبيقة، ابن بلدة حدث بعلبك. كانت خسارة حبيقة كبيرة، فقد أتلفت الموجة موسمه: 25 دونماً من الخيار وحوالى 60 دونماً من التبغ. أما ما بقي، فحوالى «40% من أوراق التبغ الصالحة للشك بالخيطان». ويشير حبيقة إلى أن الموجة ضربت المواسم، بدءاً من سهل بلدة دير الأحمر وإيعات مروراً بالحقول المجاورة لمجرى الليطاني من العلّاق ـــــ بوداي، حتى طاريا وبدنايل وتمنين
التحتا.
موجة الصقيع مرت أيضاً في حوش بردى وحزّين «وأحرقت شتول البطاطا والكوسى واللوبياء الخضراء»، كما يقول المزارع أحمد زعيتر. وقد أشار الرجل إلى أن خسائر موسمه «كارثية سواء بالنظر إلى المساحات الكبيرة المزروعة، أو بالنظر إلى ضعف «ساق» نبتة البطاطا، ما يجعلها عرضة للتلف سريعاَ». وما يزيد الطين بلة أن موجة الصقيع «لحقت شتلة البطاطا خلال فترة الإزهار».
بعض المزارعين وفي محاولات يضعونها ضمن خانة «المغامرة»، عمدوا إلى رش أسمدة كيماوية للحقول التي احترقت أوراقها بسبب الصقيع، كما أعادوا ريّها، «بلكي بترجع بتزهر من جديد»، كما يقول المزارع أحمد حمية.
حتى هذه اللحظات، يأمل المزارعون أن تعود مواسمهم إلى الإزهار.. وأن «يسأل علينا أحد»، يقول حمية. فرغم مناشداتهم عبر وسائل الإعلام، لم يسأل أحد. وهم الآن، يعولون على الإدارة الجديدة للهيئة العليا للإغاثة، من أجل إيلاء مشكلتهم الأولوية، عبر إرسال لجان كشف على الأضرار قبل زوال آثار الخسائر. أما رئيس مصلحة الأبحاث العلمية والزراعية الدكتور ميشال إفرام، فقد رأى في اتصال مع «الأخبار» أن «موجة الصقيع التي ضربت سهل المنطقة طبيعية خلال هذه الفترة من السنة، ولكن، لا بد من التعويض على المزارعين».