الكبائر محددة بحسب الأديان السماوية، لكن جهابذة القانون أضافوا اليها كبيرة. فالتمرّد على القاضي ورفض تنفيذ حكمه يعدّ إحدى الكبائر في عرف القانون، ولا يُكفّرها إلا العودة عنها من دون حاجة إلى الاستغفار. ويُستند في توصيف الفتوى القانونية إلى ما ترتبه مخالفة القرار القضائي من حرمان حقوق للجهة التي كسبت الدعوى، وبذلك يكون قد وقع الظلم.بناءً على ما سبق، وردت الى «الأخبار» شكوى من المواطن حسن حوراني يسأل فيها عمّن يعطي الناس حقوقها عندما تعجز قوة القانون والقضاء وقوى الأمن عن ذلك. وفي حيثيات الشكوى أن قاضي الأمور المستعجلة في صيدا حسم نزاعاً قضائياً قبل سنة حول ملكية عقار في حارة صيدا اشتراه حوراني قبل نحو عشر سنوات من المدعى عليهم الأشقاء حسن وجهاد ومحمد ز.. وقد أعطى القاضي الحق فيه للمدعي وألزم المدعى عليهم إخلاء العقار فوراً من دون أي مهلة. «فوراً » هذه مرّ عام عليها، إلا أن المدعى عليهم لم يخلوا العقار بعد، مبرّرين رفضهم تنفيذ الحكم بأنهم «يعيشون» تحت خط الفقر، ولا مكان يلجأون إليه إذا ما أخلوا منازلهم.
ويشير حوراني الى أن السبب الرئيسي لعدم اخلاء العقار هو «طمع» البائعين، إذ إنه اشترى العقار من الاخوة الثلاثة بمبلغ سبعين ألف دولار قبل أن ترتفع الأسعار بنحو جنوني، ليصل سعره اليوم الى ما يقارب الـ700 ألف دولار. وقد حاول، بشتى السبل، التوصّل إلى صيغة مصالحة مع من يرفضون إخلاء عقاره، لكن محاولاته باءت بالفشل. وهو أكّد تعرّضه للابتزاز من أجل إجباره على بيع عقاره بمئة ألف دولار وإلا فإنه لن يحصل على شيء. لم يذعن للابتزاز، ولجأ إلى القضاء الذي حسم الأمر لمصلحته وأعطاه الحق نظرياً. إذ إن الحكم الذي صدر لصالحه بالإخلاء لم ينفذ على رغم مرور سنة على صدوره. راجع المدّعي دائرة التنفيذ في صيدا طالباً إلزام «المحتلين» إخلاء العقار، لكن مأمور التنفيذ لم يتمكن من أداء المهمة الموكلة إليه رغم مؤازرة القوى الأمنية. إذ تجمع عشرات الأشخاص حوله عندما حاول تنفيذ الحكم رافضين الإخلاء، فختم المحضر وأقفل عائداً برفقة وكيل الادعاء ومعاون من قوى الأمن الداخلي، «وهذا هو واجبه حقناً للدماء» بحسب ما ذكر أحد القضاة لـ«الأخبار». ولما لم يُذعن المدعى عليهم لأمر المحكمة واعترضوا على تنفيذ الحكم القضائي، جرى استدعاؤهم إلى مفرزة التحري في صيدا بجرم مخالفة تنفيذ قرار قضائي. هناك استمعت إفاداتهم وأخلي سبيلهم بسند إقامة بناء على إشارة من النائب العام الاستئنافي في الجنوب القاضي سميح الحاج، على رغم ان منعهم تنفيذ حكم قضائي كان يوجب توقيفهم.
يتحدث المدعي حسن حوراني عن وساطات سياسية من شخصيات رفيعة المستوى يستخدمها المدعى عليهم للتأثير على القائمين على التنفيذ. وإزاء ذلك، تقدم، بواسطة وكيله المحامي علي طفيلي، برسالة إلى كل من وزير الداخلية والبلديات مروان شربل ووزير العدل شكيب قرطباوي والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي وقائد الدرك صلاح جبران يشرح لهم فيها الوقائع التي حصلت معه، قاصداً من ورائها طلب النصيحة عمّا يمكن أن يفعله ليسترجع حقّاً مُنع عنه غصباً في زمن شعار الدفاع عن هيبة الدولة.