البقاع | مدينة الشمس ليست على حالها منذ أكثر من شهر تقريباً. هي أشبه ما تكون بإحدى مدن الجنوب الإيطالي الرازحة تحت سلطة المافيا، كما تصوّرها الأفلام السينمائية. فالشوارع شبه خالية وأصحاب المحال التجارية يقفلون قبل أن تغرب الشمس. ودوريات القوى الأمنية، لا تحد من عمليات السلب و«التشليح» بقوة السلاح التي تسيطر على المدينة بأكملها. مزيج من القلق والخوف والاستياء يخيّم على أهالي منطقة بعلبك بعد ازدياد وتيرة عمليات السرقة والسلب بقوة السلاح في المنطقة. فمنذ شهر، تقريباً، سجّل معدل السرقات ارتفاعاً لافتاً، فقد فاقت عدد عمليات «التشليح» بقوة السلاح الـ 50 معظمها في المدينة. حالة القلق والخوف أرخت بثقلها على أصحاب المحال التجارية الذين عمدوا، في ظل غياب المعالجة الجدية من قبل الأجهزة الأمنية، إلى إقفال أبواب محالّهم باكراً. فيما لجأ بعضهم الى اعتماد خيار «الأمن الذاتي» باستقدام أقاربهم إلى محالّهم قبل موعد الإقفال، كما أكد محمد الجمال، عضو جمعية تجار بعلبك، الذي أضاف إن «اللي إيدو بالماي مش متل اللي إيدو بالنار، لأنه من غير المعقول أن يفقد الشخص غلّته كاملة من دون أن يجد أحداً يساعده على ردع هذه الأعمال». آخر عمليات السرقة كانت أول من أمس عندما وجد شوقي الطفيلي محله لبيع الأحذية وقد سرق بواسطة الكسر والخلع، وفقد منه مبلغ 5 ملايين ليرة و13 صندوق أحذية بقيمة 8 ملايين ليرة. ومن العمليات التي تعرض لها أبناء المدينة سلب حسين ياغي، وهو صاحب سوبر ماركت في المدينة، مبلغاً مالياً قدره ثلاثة ملايين ليرة، لدى إقفاله محله ليلاً من قبل مسلحين، وسلب عدنان عبد الساتر، وهو صاحب محمصة، مبلغ ستة ملايين ليرة بعد إقفاله محله أيضاً، كما لاحق ثلاثة ملثمين يستقلون سيارة من نوع «غراند شيروكي» عباس رعد، وهو صاحب مطعم في المدينة، من أمام مطعمه حتى منزله ليل ثاني أيام عيد الأضحى، وأطلقوا النار عليه من أسلحة حربية، لكنه تمكّن من إفشال محاولتهم بعد التواصل مع أقاربه. وسلب مسلحون عاملاً في محطة للمحروقات في المدينة مبلغ مليون و400 ألف ليرة، ومطعم «المحطة» في دورس مبلغ مليون ليرة.
عمليات السلب لم تقتصر على داخل المدينة، بل توزعت على عدد من القرى وطريق بعلبك الدولية، فقد سلب مسلحون عمالاً سوريين كانوا على متن حافلة مبلغ مليون و200 ألف ليرة سورية، ومبلغ 4 ملايين ليرة من سيارة أجرة يستقلها عمال سوريون على طريق بعلبك ـــــ حمص الدولية، كما سلب عامل سوري في بلدة مجدلون هاتفه ومبلغ 200 الف ليرة سورية. وعند مفرق مجدلون مع الطريق الدولية سُلب علي اللقيس، الذي يعمل في محل للصرافة، 11 مليون ليرة سورية كان ينقلها إلى شتورا. وفي بلدة بدنايل، دخل ملثمون يستقلون سيارة «شيروكي» إلى سوبرماركت وسرقوا مبلغاً من المال.
عمليات «القرصنة»، كما يطلق عليها أهالي بعلبك، أزهقت أرواحاً أيضاً، فقد اقتحم ملثمون يستقلون سيارة «شيروكي» خيماً في سهل بلدة إيعات بقصد السلب، لكن تصدي قاطنيها استدعى إطلاق نار من الملثمين أدى إلى مقتل دونا الحمود، وإصابة ابنيها إبراهيم ومحمد رمضان. وفي غياب المعالجة الأمنية التي اقتصرت على تسيير دوريات في الشوارع، تداعت نقابات وجمعيات مع أعضاء من بلدية بعلبك وعدد من نواب تكتل بعلبك الهرمل، إلى لقاء تشاوري أول من أمس في مطعم النورس، عبروا فيه عن الاستياء من الفلتان، مطالبين الحكومة والأجهزة الأمنية «بتحمل مسؤولياتهما».
مسؤول أمني أكد لـ «الأخبار» أن خطوات اتخذت لمعالجة المشكلة، بدءاً «بتسيير دوريات أمنية على مدار الساعة في المدينة والطريق الدولية، والعمل بالتوازي على متابعة التحريات لتوقيف الفاعلين».