أصدرت محكمة الجنايات في بيروت، قبل أيام، حكماً قضائياً بحق متهمة كانت متوارية عن الأنظار في محاولة اغتيال النائب السابق نجاح واكيم عام 1987. وجاء في حيثيات الحكم أنه في أحد صباحات تشرين الأول من ذلك العام ورد إلى القوى الأمنية اتصال من المدير العام لمجلس النواب مفاده أن شخصاً دخل منزل واكيم، في منطقة قصقص، بقصد اغتياله، إلا أن النائب السابق تمكن من قتله. ولدى حضور القوى الأمنية، وجدت جثة القتيل عبود عبود. بحسب إخراج قيد كان يحمله، وفي حوزته مسدس مجهز بكاتم للصوت.ولدى الاستماع إلى إفادة واكيم، أفاد بأن القتيل حضر إلى مكتبه قبل أيام وبرفقته سيدة شقراء تتكلّم بعربية «مكسّرة»، قال إنها زوجته، لمراجعة النائب السابق في شأن التوسط له للعودة إلى الدرك بعد طرده. بعد يومين، حضر الرجل والسيدة نفسهما، ومكثا مع زوجة واكيم لمدة ساعتين فيما كان هو خارج المنزل. وفي صباح اليوم التالي، حضرا مجدداً وقابلا واكيم الذي أبلغ زائره أن مطلبه ليس من اختصاصه.
في تلك الأثناء، كانت «الشقراء» تحاول فتح كيس بحوزتها، فارتاب واكيم للأمر وتظاهر بوجود مسدس على جنبه، فما كان من الضيفين إلا أن انصرفا. وبعد 3 دقائق، طرق باب المنزل مجدداً، وسمع واكيم صوتاً يصرخ بزوجته التي فتحت الباب قائلاً: «فوتي قدامي». عندها، حمل مسدسه الخاص، وأطل من غرفة النوم، ليشاهد عبود يدفع زوجته وابنته أمامه، فعاجله بثلاث طلقات نارية وأرداه قتيلاً. فيما تمكنت الشقراء من الهرب.
توصلت التحقيقات إلى معرفة مكان إقامة عبود، وتبيّن أن له خطيبة تدعى انطوانيت ن. كانت متوارية عن الأنظار. عرض المحققون صورة عثروا عليها في منزل أنطوانيت على زوجة واكيم، فأكدت أنها لا تعود للمرأة الشقراء التي بقيت مجهولة الهوية بالنسبة إلى المحققين. فيما صدرت بحق انطوانيت مذكرة توقيف وحوكمت غيابياً عام 1994.
بعد 20 عاماً، أوقفت انطوانيت في منطقة زحلة. ولدى التحقيق معها أنكرت الجرم المسند إليها. وبعرض الصورة التي أخذت من مكان إقامتها عليها، أنكرت أن تكون عائدة لها. وأفادت بأن خطيبها عبود كان ينتمي إلى القوات اللبنانية، وكان يلتقي بشخص اسمه وديع مع امرأة أرمنية تدعى سيلفا، وأن هذه الأخيرة كانت تتكلم بعربية «مكسرة».
وبعد عرض انطوانيت على زوجة واكيم، جزمت بأن المتهمة ليست المرأة نفسها التي حضرت إلى منزلها. كذلك رجح النائب السابق الأمر نفسه، وبناءً عليه قرّر إسقاط دعواه الشخصية.
لكن جوزف، شقيق عبود، أفاد أمام المحكمة بأن شقيقه كان ينتمي إلى حزب الوطنيين الأحرار، وأن انطوانيت الماثلة أمام المحكمة كانت خطيبته، وأن الصورة الشمسية القديمة عائدة لها. وقال إنه لم يرها منذ مقتل شقيقه، حتى أنها لم تحضر مراسم الدفن.
في جلسة المحاكمة النهائية، طالبت وكيلة المتهمة بإعلان براءة موكلتها لعدم اشتراكها في الجرم، كما طلبت الرأفة بحالها لكونها حالياً تعيل سيدة مسنة. وبناءً على الأدلة والمعطيات الواردة في ملف القضية، وخصوصاً شهادة واكيم وزوجته، حكمت المحكمة بإسقاط الحكم الغيابي الصادر بحق انطوانيت، واعتباره كأنه لم يكن، مع إعلان براءتها وإطلاق سراحها فوراً، لتبقى الهوية الحقيقية للسيدة الشقراء مجهولة.