عقارات مدينة جبيل باتت معروفة «شبر وشبر»، فهي محدّدة على خريطة بطول أربعة أمتار وعرض متر ونصف متر ترتفع في مبنى البلديّة، وتحديداً في مكتب مهندس البلديّة زاهر أبي غصن. فقد التقطت بلديّة جبيل صورة حديثة من الجوّ لكلّ نطاق المدينة، تظهر فيها العقارات جميعها من دون استثناء، كما هي في واقع الحال. مناسبة الصورة هي مشروع نفّذته البلديّة، منجزةً مسحاً عقاريّاً جيوغرافيّاً لكلّ عقارات جبيل، على أن يبدأ قريباً إنجاز برنامج ArcGIS (Geographic Information System) والمسح الاجتماعيّ للمدينة.التفاصيل تحدّث عنها لـ«الأخبار»، وسام زعرور، وهو عضو المجلس البلديّ في جبيل، والمكلّف منه متابعة المشروع المؤلّف من مرحلتين. المرحلة الأولى أنجزتها شركة Maps، التي أنهت مسحاً جيوغرافيّاً شاملاً لعقارات مدينة جبيل، بحيث أصبحت جبيل بكلّ عقاراتها على «الخريطة».
أمّا المرحلة الثانية، فهي تقضي بإنجاز برنامج Arc GIS، وهو برنامج يدخل إلى الكمبيوتر العقارات التي مسحتها المرحلة الأولى من المشروع. ويتيح البرنامج إظهار المعلومات الخاصّة بكلّ عقار بمجرّد كتابة رقمه أو الضغط على صورته بواسطة فأرة الكومبيوتر. ويمكن من خلال الخريطة معرفة كلّ المعلومات المتعلّقة بالعقار. فعلى سبيل المثال، إذا أرادت البلديّة شقّ طريق معيّن، يمكنها من خلال الخريطة تحديد العقارات التي تمرّ فيها هذه الطريق، وتحديد هويّة مالكيها، وبالتالي تسهل عملية التواصل معهم، كما يمكنها أن تطلب من مالكي العقارات التصريح لدفع القيم التأجيريّة المستحقّة عليهم. وتكشف الخريطة أيضاً الأملاك العامّة، مظهرة التعديّات عليها في حال حصولها، ما يسهّل اتّباع إجراءات تنفيذيّة من قبلها لإزالتها.
ويضيف زعرور إنّ رئيس البلديّة زياد الحوّاط ارتأى الاستفادة من القواعد البيانيّة لخدمة المجتمع الجبيليّ، من خلال تطعيم المسح العقاريّ الجيوغرافيّ بمسح اجتماعيّ هو حاليّاً قيد الإنجاز. كيف ذلك؟
يشرح زعرور أنّ المعلومات ستشمل أسماء مالكي العقار، إضافة إلى تاريخ ولادتهم، عدد السيّارات التي تملكها عائلة مالك العقار، تحديد أيّ إعاقات أو أمراض مزمنة في حال وجودها عند أيّ فرد من أفراد العائلة. الهدف من ذلك، أولاً، الاستفادة من المعلومات من أجل تقديم المساعدات والأدوية إلى المرضى من خلال المستوصف الخاصّ بالبلديّة، إضافةً إلى تزويد الصليب الأحمر في جبيل بهذه المعلومات لتسهيل مهماته. ثانياً، استعمال المعلومات في مشروع تنظيم المدينة، بحيث تخصصّ أروقة مرور لذوي الاحتياجات الخاصّة، إلى جانب تنظيم مواقف السيّارات في الأبنية السكنيّة ومواقف المدارس وغيرها، وتحديد كيفيّة وصول الباصات إلى المدارس والطرق التي على سائقيها سلوكها من دون التسببّ بزحمة سير. وكلّ ذلك سيجري عبر خطّة بلديّة تحدّد وفق المعلومات التي يؤمنّها المسح في ما يخصّ عدد الطلاب في المدارس، وعدد الذين يستقلّون الباصات المدرسيّة.
وتبقى النقطة الأهمّ، حسب زعرور، ترقيم كلّ الشوارع في المدينة، الذي يجري في المرحلة النهائيّة من المشروع، التي من المرجّح أن تنتهي بعد نحو ستّة أشهر. سيكون بفضل هذه الخطوة لكلّ العقارات «الجبيليّة» الشاغرة منها وغير الشاغرة أرقام. الخطوة تطبّق للمرّة الأولى، ومن شأنها بطبيعة الحال أن تسهّل على الجبيلييّن تحديد أماكن سكنهم بطريقة علميّة واضحة.
المعلومات ستبقى خاصّة للبلديّة، فيما تعلن عبر الموقع الإلكتروني البلديّ الخاصّ نبذة عن المشروع ليطّلع عليه المواطنون، علماً أنّ المسح الاجتماعيّ يتطلّب إذناً خاصّاً من وزارة الداخليّة والبلديّات، قبل أن تبدأ الشركة الخاصّة التي ستلزّم المشروع بالتنفيذ. وفي الخلاصة، يمكن اعتبار المشروع، كما يؤكّد زعرور، «الخطوات الأولى لوضع نظام الـGPS الخاصّ بجبيل في الأمد القريب».