رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون،تحيّة طيّبة وبعد،
لقد وعدتمونا منذ سنين بمشروعكم الإصلاحي للبنان ولطالما طالبتم ببسط هيبة الدولة وتحصين مؤسساتها واستقلال قضائها. وقد تابعتم منذ عامٍ ونيّف موضوع الأملاك العامّة البحريّة، لا سيّما ذاك المتعلّق بشاطئ بيروت العام الوحيد المتبقي لنا، شاطئ الرملة البيضا، وإعتداء مشروع الإدن باي السافر عليه. فقد كلّفتم نقيب المهندسين جاد ثابت بوضع تقرير يفنّد مخالفات عدّة للمشروع وكنتم أوعزتم إلى وزير مكافحة الفساد نقولا التويني بمتابعة القضية. كم كان أملنا كبيراً عند قراءتنا لهذا التقرير حيث فصّل ثمانية مخالفات على الأقل، فداحتها كفيلة بتحريك كل الأجهزة الأمنية والقضائية لوقف المشروع. وكم كان مُخيّباً لنا أن نرى تقرير النقيب يبقى حبراً على ورق أسوة بالقرارين القضائيين لمجلس شورى الدولة اللذين أمرا بوقف الأعمال ولم يُطاعا.
واليوم، كما قرأتم في الصحف، فيما كنّا منهمكين بالانتخابات النيابية، يقوم بعض الذين في السلطة بأبشع استغلال لمراكزهم من خلال إنجاز رخصة بالإشغال غير قانونية لهذا المشروع، وذلك في وقتٍ قياسي قبل نهاية ولاية الحكومة الحالية. وقد أكّد تقرير صادر عن بلدية بيروت نفسها (رقم 132/2017-3 أشغال) جميع المخالفات التي فنّدها النقيب ووضعها في عهدتكم، فخلص إلى أنه يتعذّر عليهم منحه ترخيصاً بالإشغال لكثرة المخالفات الواضحة لكل القوانين المرعية الإجراء. وعلى الرغم من ذلك، تعدّدت التدخلات والضغوطات في الآونة الأخيرة لإصدار هذا الترخيص.
فخامة الرئيس،
أتوجّه إليكم اليوم متمنيّة تدخّلكم لحماية شاطئ بيروت العام ومعه ما تبقّى من هيبة للدولة. فالعهد القوي يدافع أولاً عن الصالح العام وحقوق المواطنين وهيبة المؤسسات في فرض تطبيق القوانين وصون استقلالية القضاء. إن المشهد الحالي على واجهة بيروت البحرية يهدّم أسس دولة القانون، ليخبرنا أن المطوّرين العقاريين وحيتان المال أقوى من كل شيء، فالقانون لا يطبّق عليهم ولا من يحاسبهم. لم يفلح حتى قرارين قضائيين لأعلى سلطة قضائية في الدولة ردعهم. فهل نرضخ لأمر الواقع ونقبل حرمان المواطنين من أبسط حقوقهم المُكرّسة في القانون اللبناني بالوصول الحرّ إلى البحر من دون أي عائق والتمتع بالبيئة؟ هل نغضّ النظر عن وقاحة الاستعلاء على القانون وخرقه من دون حسيبٍ أو رقيب؟ هل نرضى بأن تصبح بيروت المدينة الوحيدة على المتوسّط التي لا شاطئ لها؟
فخامة الرئيس ومجلس النواب المنتخبين،
أناشدكم اليوم لأننا نؤمن بدولة القانون ونعمل من أجلها. أنتم المؤتمنين على حقوقنا وأملاكنا العامة وعلى كرامة مؤسّساتنا وهيبتها. لا تسمحوا بالتدخلات ولا تتساهلوا عند انتهاك المصلحة العامّة، فحاسبوا كلّ من تواطأ على شاطئ بيروت من دون استثناء. حاسبوا وزراءنا الذين أغفلوا واجبهم بحماية الأملاك العامّة البحرية وبلدية بيروت التي رضيت منذ البدء بخرق القانون، وحاسبوا كل من تسوّل نفسه اليوم الضغط من أجل إنجاز الترخيص بالإشغال غير القانوني ليتوّج البناء على أنقاض مؤسسات الدولة.
فهكذا نبني معاً الدولة القوية والعهد القوي.
* مهندسة معمارية وناشطة في جمعية «نحن»