تحوّلات سياسية كثيرة قلبت المعادلة في قطاع النفط والغاز لصالح الشركات الوطنية، وفي طليعتها موجات التأميم التي شهدها القطاع في القرن الماضي، واستعادة الدول لسيادتها على ثرواتها الطبيعية، ليصبح اليوم حوالى 95% من احتياطي النفط في العالم تحت سيطرة شركات البترول الوطنية، بحسب فوربس.الشركات الخمس الأكبر في قطاع البترول بحسب نسبة الاحتياطي المثبت وجوده هي من صنف الشركات الوطنية، وتملك معاً 58% من احتياطي النفط العالمي على النحو الآتي:
1- شركة البترول الفنزويلية: تسيطر على 18% من الاحتياطي العالمي من النفط. تم اكتشاف النفط في فنزويلا عام 1917، وبدأت الشركات الأميركية والبريطانية باستغلاله إلى أن تم تأميم القطاع سنة 1976. تجاوزت مبيعات الشركة السنوية 48 مليار دولار، بينما بلغت الأرباح الصافية منها نحو 828 مليون دولار. لعبت الشركة دوراً كبيراً في تمويل المشاريع السيادية للدولة، بينما عانت مؤخراً من مشاكل تمويلية نتيجة العقوبات الأميركية.

2- شركة آرامكو السعودية: تسيطر على 16% من احتياطي العالم النفطي. تأسست سنة 1933 كشركة خاصة مملوكة من شركة سوكال الأميركية، قبل أن يتم تأميمها سنة 1988. لا يقتصر عمل الشركة اليوم على التنقيب والاستخراج، بل يتعدّاهما إلى التكرير والتوزيع والشحن والتسويق، حيث تمتلك وتشغّل ثاني أكبر أسطول ناقلات لشحن النفط. أسّست شركة تابعة متخصّصة في خدمات الشحن، إضافة إلى مراكز بحثية متعددة الأهداف. بلغت مبيعات آرامكو 33.8 مليار دولار في النصف الأول من 2017، بينما تجاوز عدد موظّفيها اليوم 65 ألفاً.
3- الشركة الوطنيّة الإيرانية للنفط: تسيطر على 9.53% من احتياطي العالم النفطي. تم منح أول امتياز للتنقيب واستخراج النفط الإيراني سنة 1901، وظل القطاع في عهدة نموذج الامتيازات إلى أن تمّ تأميم القطاع وتأسيس الشركة الوطنية سنة 1953، علماً أن ذلك كان سبباً لتدبير انقلاب أطاح حكومة مصدق وإعادة القطاع إلى كنف الشركات الدولية، إلى حين قيام الثورة الإسلامية سنة 1979، واستعادة الدولة لأصول الشركة. يتجاوز عدد موظفي الشركة اليوم 41 ألف عامل ومهندس وتقني، وتتوزّع أنشطتها بين التنقيب والاستخراج والصناعات البترولية المختلفة.
4- شركة النفط الوطنية العراقية: تسيطر على 8.71% من احتياطي النفط العالمي. تأسست سنة 1964 بوصفها ذراع الدولة الاستثمارية في القطاع، إلا أن ثلاثة أرباع احتياطي البلاد من النفط ظلّ بأيدي الشركات الأجنبية لغاية سنة 1972 عندما تمّ تأميم القطاع برمّته. في الشهر الماضي صوّت البرلمان العراقي على قانون مثير للجدل خاص بالشركة، أعاد تنظيم دورها وعائداتها، ونصّ على توزيع العائدات بعد احتساب حصة الدولة بين صندوق سيادي وصندوق للمشاريع الاستراتيجية وصندوق يعيد توزيع جزء من العائدات على جميع المواطنين العراقيين بالتساوي.
5- مؤسسة البترول الكويتية: تسيطر الشركة على 6.13% من احتياطي النفط العالمي. تم تأسيسها لتكون الشركة الأم التي تضم جميع الشركات النفطية الكويتية بعد تأميم القطاع. تتوزّع أنشطة المؤسسة بين خدمات القطاع النفطي والاستكشاف والاستخراج ونقل النفط وشحنه والصناعات البترولية وغيرها.
إن توسع حجم وسيطرة الشركات الوطنية في قطاع النفط يعود في جزء منه إلى إدراك الدول في القرن الماضي لأهمية السيطرة على احتياطيات القطاع وعوائده، وتوجيهها استثمارياً في أنشطة تصبّ في مصلحة الاقتصاد الوطني.
في الواقع، يُظهر تصنيف الشركات النفطية، بحسب حجم الربح الصافي، نتيجة مختلفة كلياً، لتصبح شركات متعددة الجنسية مثل إكسون موبيل وشل وتوتال ضمن الخمس الأكبر في القطاع، وهذا يعطي فكرة عن طبيعة عمل هذه الشركات وأهدافها المتوجّهة حصراً نحو استثمار حقول نفطيّة محدودة، بالقدر الذي يؤمّن هامش الربح الخاص الأكبر، وهنا بالضبط يكمن اختلاف أهداف هذه الشركات عن شركات النفط الوطنيّة. ولذلك ترتسم شبهات جدية حول الموقف المعارض لإنشاء الشركة الوطنية في لبنان.