أنقر على الرسم البياني لتكبيره
بعد 10 سنوات على الأزمة المالية التي هزّت العالم، ارتفعت ثروة الأكثر غنى بطريقة هائلة، وتضاعف عدد المليارديرات من 1125 شخصاً إلى 2208 أشخاص. وفي السنة الأخيرة فقط، ولد ملياردير جديد كل يومين، وزادت ثروات أغنى أغنياء العالم بنحو 900 مليار دولار، أي بمعدّل 2.5 مليار دولار في اليوم ونحو 0.5 مليار لكل ملياردير. وفي المقابل انخفضت ثروة 3.8 مليار شخص، يشكّلون نصف سكّان الأرض الأكثر فقراً ويعيشون بأقل من 5.5 دولار في اليوم، بنحو 11%.
في الواقع، لم تعد شريحة الـ50% الأفقر تحصل سوى على 12 سنتاً من كل دولار من الدخل، فيما يحصل الـ1% الأغنى على 27 سنتاً، أي ضعفي حصّة نصف السكان. وتشير المنظّمة إلى أن مليارديرات اليوم يمتلكون ثروات أكبر بكثير ممّا امتلكه نظراؤهم يوماً، فهي ارتفعت من نحو 5 آلاف مليار إلى 9 آلاف مليار بين عامي 2008 و2018، ولكن من دون أن يؤدّي ذلك إلى زيادة معدّلات الضريبة المفروضة على هذه الثروات. فمن كلّ دولار يُجبى من الضرائب، هناك 4 سنتات فقط يتمّ تكوينها من الضرائب على الثروة، في مقابل 39 سنتاً من ضرائب الاستهلاك. نتيجة لذلك، باتت الثروة أكثر تركّزاً، ففي عام 2018 استحوذ 26 شخصاً على ثروات توازي ما يملكه نصف سكّان الأرض، بعد أن كان عددهم يقارب الـ43 شخصاً في 2017 أي قبل سنة واحدة فقط.
هذا ما يحصل في كل مكان في العالم، ففي لبنان تضخّمت الثروات الشخصية نحو ثلاثة أضعاف في أقل من عقدين، إذ ارتفعت من 47 مليار دولار في عام 2000 إلى 140 مليار دولار في عام 2018، بمعدّل 5.17 مليار دولار سنوياً. يشتمل مجمل الثروة على الثروة المالية والثروة غير المالية بعد حسم الديون. في الواقع تشكّل الثروات غير المالية، وهي بغالبيتها عقارات، الجزء الأكبر من الثروة، وارتفعت قيمتها بنسبة 256% بين عامي 2000 و2018 (من 27 مليار إلى 96 مليار دولار)، فيما ارتفعت قيمة الثروة المالية بنسبة 187% خلال الفترة نفسها (من 30 مليار إلى 86 مليار). لكن في مقابل هذا التضخّم الكبير في الثروات وتركّزه لدى القلّة القليلة من البالغين، تضخمّت قيمة الديون أيضاً بنسبة 308% (من 10 مليارات إلى 42 مليار) وهي بغالبيتها تتراكم في أرصدة شرائح البالغين الأفقر.
باختصار، يوجد اليوم في لبنان 3.2 مليون بالغ يمتلك كل منهم ثروة تقل عن 10 آلاف دولار ويشكّلون 77% من السكّان، و783 ألف بالغ (19%) تتراوح ثروة كل منهم بين 10 آلاف و100 ألف دولار، وكلّما صعدنا نحو قمّة الهرم يتبيّن أن نسبة أصحاب الثروات تقلّ أكثر وأكثر، بحيث أن 146 ألف بالغ (3.5%) يمتلكون ثروات تتراوح بين 100 ألف ومليون دولار، وفقط 12.5 ألف بالغ (0.3%) يمتلكون ثروات تزيد عن مليون دولار، و7 بالغين فقط يصنّفون ضمن المليارديرات أي الذين يمتلكون ثروات تزيد عن مليار دولار ويستحوذون معاً على نحو 13.3 مليار دولار.
هذه اللامساواة الفاقعة ليست قدراً بل خياراً سياسياً. وهناك خطوات جذرية يجدر اتخاذها لمكافحتها، وفق تقرير «أوكسفام»، تبدأ بفرض ضرائب على الثروة بطريقة أكثر عدالة، لزيادة الأموال المُمكن استخدامها لتأمين العلم لكل طفل غير ملتحق بالمدرسة وتوفير الرعاية الصحية المجانية وإنقاذ العائلات من الموت. من خلال هذه الإجراءات يمكن بناء اقتصاد إنساني، وأكثر مساواة وقيمة، وهو ما يهمّ فعلاً!