
أنقر على الرسم البياني لتكبيره
2- النقل: يقوم نظام تنقل الأفراد على استعمال السيّارة الشخصية، في ظلّ غياب شبه تامّ لنظام نقل مشترك فعّال في المدن الكبرى وبين التجمّعات السكّانية، ما أسهم برفع كلفة النقل إلى ما بين 10 و15% من ميزانيات الأسر المعيشية، وهذه الكلفة المُرتفعة بكل المقاييس، تترافق مع تزايد رداءة الطرق، المُصنّفة في المرتبة 120 بين دول العالم، وتدنّي مستوى السلامة المرورية، إذ تؤدّي حوادث السير إلى خسائر بنحو 3 إلى 5% من الناتج المحلّي الإجمالي سنوياً (نحو ملياري دولار)، فضلاً عن الخسائر الصحّية والبيئية التي يرتّبها استعمال الطرق والسيّارات بكثافة واستهلاك المحروقات.
يستورد لبنان سنوياً سيّارات سياحية بقيمة 1.1 مليار دولار، ويستورد البنزين لتشغيلها بقيمة 1.3 مليار دولار، وقطع غيار لها بقيمة 200 مليون دولار. أي إن استيراد وسائل نقل الأفراد ولوازمها يكلّف سنوياً نحو 2.6 مليار دولار. وهذا نموذج استهلاكي مُفرط، يزيد من كلفة المعيشة والإنتاج ولا يتمتّع بأي كفاءة اقتصادية. ويقدّر البنك الدولي الخسائر الاقتصادية من مشكلة زحمة السير في لبنان ما بين 8 و10% من الناتج المحلّي الإجمالي سنوياً (نحو 5 مليارات دولار). لا شكّ في أن إقامة نظام نقل عام مشترك فعّال وكفوء وقابل للاستعمال كوسيلة نقل رئيسة، سيُسهم في خفض فاتورة الاستيراد بنحو ملموس.
3- الدواء: يستورد لبنان أدوية ومستحضرات طبّية بقيمة 1.2 مليار دولار سنوياً، وتعدّ هذه الفاتورة مرتفعة جدّاً بكل المقاييس، وغير مُبرّرة، إذ يبلغ نصيب الفرد المقيم من قيمة مستوردات الأدوية (ليس السعر النهائي) نحو 200 دولار سنوياً على أساس 6 ملايين فرد مقيم (بمن فيهم اللاجئون السوريون). ويخضع استيراد الأدوية لاحتكار عدد قليل جدّاً من الشركات، تتحكّم بالأسعار والعرض وتبني نفوذاً كبيراً في الدولة والسوق.
إن قسماً كبيراً من الأدوية المستوردة يمكن تصنيعه بسهولة في لبنان، وبالتالي يمكن خفض فاتورة الاستيراد بنسبة معتبرة، بالإضافة إلى تعزيز الإنتاج المحلّي، إلّا أن تحقيق ذلك يتعارض مع مصالح مستوردي الدواء، ويتطلّب التشجيع على استهلاك الدواء «الجنريك» والتشجيع على تصنيعه في لبنان وتصميم إدارة رقابية فعّالة وموثوقة.
4- الغذاء: يمتلك لبنان مساحة واسعة ومنوّعة من الأراضي الزراعية، وهي تشكّل 63% من مجمل مساحته (نحو 658 ألف هكتار، أي 6580 كلم2)، إلّا أن 22% فقط منها (231 ألف هكتار) فقط مزروعة بالمحاصيل، وفقاً لبيانات وزارة الزراعة. ولا يُسهم القطاع الزراعي إلّا بنسبة 2% فقط من مجمل الناتج المحلّي، وهي نسبة ضئيلة جدّاً بكل المقاييس. هذا الواقع المتدهور للزراعة، وعدم تقدّم الصناعات الغذائية المرتبطة بها، يدفعان إلى استيراد سلعاً زراعية وغذائية إلى لبنان بقيمة 3.2 مليارات دولار. المفارقة، أن لبنان يمتلك جميع العناصر المطلوبة لتطوير قطاعه الزراعي وزيادة إنتاجه وتطوير صناعاته الغذائية، وبالتالي يمكن خفض فاتورة استيراد الغذاء بنحو كبير، إذا تبنّت الحكومة سياسات لدعم الزراعة واحترام استخدامات الأراضي وقمع المضاربات العقارية وتنمية الريف.