يحلّ لبنان في المرتبة السابعة عربياً و87 عالمياً لناحية حجم اقتصاد الظلّ فيه، الذي يقدّر بنحو 31.58% من الناتج المحلّي الإجمالي. هذه النتائج تعرضها ورقة بحثية أعدّها خبراء في صندوق النقد الدولي بعنوان «اقتصاد الظلّ حول العالم: ماذا تعلّمنا على مدار 20 عاماً؟»، وتدرس تطوّر حجم اقتصاد الظلّ واتجاهاته في 158 بلداً في العالم بين عامي 1991 و2015.تعرّف الورقة البحثية اقتصاد الظلّ الذي تطلق عليه أيضاً أسماء عديدة مثل الاقتصاد الأسود أو الاقتصاد الخفي أو الاقتصاد الناقص أو الاقتصاد غير الرسمي أو الاقتصاد اللانظامي، بأنه «مجموع الأنشطة الاقتصادية المُخفاة عن السلطات الرسمية لأسباب نقدية وتنظيمية ومؤسّسية. تتضمّن الأسباب النقدية تجنّب أرباب العمل دفع الضرائب ومساهماتهم في الضمان الاجتماعي، وتشمل الأسباب التنظيمية تجنّبهم البيروقراطية الحكومية وأعباء الأطر التنظيمية، فيما تشمل الأسباب المؤسّسية انتشار الفساد وتدنّي جودة المؤسّسات السياسية وضعف سيادة القانون».


وفقاً للورقة البحثية، فإن «اقتصاد الظلّ، بطبيعته، صعب القياس، خصوصاً أن المشاركين في أنشطته يعمدون إلى البقاء غير منكشفين، للتهرّب من دفع الضرائب المستحقّة عليهم»، وهو ما دفع إلى اعتماد طرق حسابية عديدة لمحاولة تقديره ومراقبة تطوّره عبر قياس معدّلات مؤشّرات عديدة تُعدّ من الأسباب المباشرة لنمو اقتصاد الظلّ، مثل نموّ الانفتاح التجاري والحرّية المالية، وارتفاع معدّل البطالة وحجم القطاع العام، وتفشّي الفساد وانتشار النشاطات الاقتصادية التي تستفيد من العمالة اللانظامية مثل الزراعة...
إلى ذلك، يقدَّر المعدّل الوسطي لاقتصاد الظلّ في لبنان بين عامي 1991 و2015 بنحو 31.58% من الناتج المحلّي الإجمالي، أي ما يوازي 15.8 مليار دولار أميركي وفقاً للناتج المحلّي الإجمالي لعام 2015، الذي تقدّره إدارة الإحصاء المركزي بـ 49.9 مليار دولار. وهو ما يعني أن 15.8 مليار دولار تُنتَج محلّياً كمعدّل وسطي سنوي ولا تخضع لأي ضريبة، مع العلم بأن هذه التقديرات متحفّظة جدّاً، لكونها لا تشمل الأنشطة الاقتصادية والإنتاجية غير القانونية (مثل زراعة الحشيشة وتجارتها)، والأنشطة الإجرامية (مثل الاتجار بالبشر)، وكذلك عمل النساء المنزلي غير المدفوع، ولا يقيس أيضاً العمالة اللانظامية التي تستغل اللاجئين السوريين.


يشير الباحثون إلى أن الحصول على معلومات عن اقتصاد الظّل وتطوّراته ينطوي على أهمّية سياسية واقتصادية، فمعرفة حجم النشاط الاقتصادي الكلّي، بما في ذلك الإنتاج الرسمي وغير الرسمي للسلع والخدمات، يسهّل عملية تصميم السياسات الاقتصادية ومواجهة التقلّبات ومواكبة التنمية الاقتصادية، ويسهم أيضاً في تقدير مدى التهرّب الضريبي، وبالتالي اتخاذ القرارات المناسبة لمكافحته.