يسهم غياب تأمين الخدمات الصحيّة بما نسبته 30% من الوزن الإجمالي للفقر المتعدّد الأبعاد في لبنان في عام 2021، يليه غياب الخدمات العامة بمساهمة تبلغ 21%. فبحسب تقرير «إسكوا»، الصادر أخيراً بعنوان «الفقر المتعدد الأبعاد في لبنان واقع أليم وآفاق مبهمة»، بلغ عدد الأشخاص الذين يعانون من الفقر المتعدّد الأبعاد في لبنان أربعة ملايين نسمة تقريباً (أو 82% من السكان)، أي نحو مليون أسرة.

وفق تعريف «إسكوا» إن دليل الفقر المتعدّد الأبعاد يتألف من 6 أبعاد، يندرج تحتها 20 مؤشراً. وهذه الأبعاد هي: التعليم، الصحّة، الخدمات العامّة، المسكن، الأصول والممتلكات، والعمل والدخل.
يعدّ البعد الصحي العامل المساهم الأكبر في فقر اللبنانيين، وهذا يعود إلى غياب الضمان الصحّي ومحدودية الحصول على الدواء وعلى الخدمات الطبية. فيغيب الضمان الصحّي عن 55% من اللبنانيين، بالإضافة إلى انقطاع الأدوية من الأسواق في الآونة الأخيرة، فضلاً عن المشاكل التي عانى منها القطاع الاستشفائي مثل انقطاع الطاقة والمستلزمات الطبية الضرورية. هذه العوامل ساهمت بشكل كبير في تردّي وضع الخدمات الصحيّة في البلد.
تُعد الخدمات العامة - مثل الكهرباء ومياه الشرب والصرف الصحي وجمع النفايات - ثاني الأبعاد، لجهة وزنها في فقر اللبنانيين. وهذا أمر متوقّع بسبب تردّي مستوى هذه الخدمات. فعلى سبيل المثال، تراجع مستوى التغذية الكهربائية التي تؤمنها شركة كهرباء لبنان إلى بضع ساعات في اليوم لا تزيد عن عدد أصابع اليد الواحدة. كما أن غياب مصادر الطاقة أدّى إلى انخفاض كمية المياه الموزّعة من قبل شركات المياه الرسمية في البلد إلى حدّ تحذير منظمة «يونيسيف» في تقرير لها الشهر الماضي، من أن 4 ملايين شخص في لبنان مهددون بانقطاع المياه بسبب الأوضاع التي يعيشها لبنان.
في المقابل أقل الأبعاد مساهمة في فقر اللبنانيين، هو السكن الذي تبلغ مساهمته نسبة 4% فقط. وهذا البعد يشمل درجة الاكتظاظ السكاني، ونوع السكن ووجود مرحاض في مكان السكان.
هذا المستوى من الفقر الذي يشمل ثلثي السكان وأكثر، يعني أن العلاج لا يمكن أن يبدأ من دون التغطية الصحية الشاملة المجانية، أو من دون نقل مشترك وتعليم مجاني أيضاً، ومن دون خدمات عامة ذات طابع مستدام. أصلاً هذا هو المدخل الفعلي لتصحيح الأجور.

اقرأ دراسة «مسألة التغيير في لبنان: جدليّة الخارج والطائفيّة السياسيّة والاقتصاد غير المُنتج» هنا.