وزارة المال تعدّ مشروع موازنة 2022 على أساس سعر صرف للدولار يبلغ 8 آلاف ليرة، ما يعني أن أرقام الموازنة ستتضخّم كثيراً وخصوصاً لناحية النفقات التشغيلية التي تمثّل النسبة الأكبر من الموازنة. ويأتي هذا المشروع بعدما كان مشروع موازنة 2021 قد أُعدّ على أساس سعر صرف للدولار يبلغ 1507.5 ليرات، أي أنه لم يكن واقعياً، فضلاً عن أنه كان يتعامل مع التحويلات إلى مؤسسة كهرباء باعتبارها خارج النفقات النظامية في الموازنة، وهذا سلوك دأبت عليه قوى السلطة منذ سنوات في سياق القيام بعملية تجميل محاسبية لأرقام الموازنات. ولم يتّضح بعد كيف ستتعامل وزارة المال مع أرقام الناتج المحلي الإجمالي ومع أرقام الدين العام وكلفته. فما هو الجزء الذي سيُحتسب من الدين العام وكلفته في الموازنة وخصوصاً أن الدولة لم تتفاوض مع الدائنين بعد، ولا تعلم ما هي نسبة الهيركات التي سيُتفق عليها، إذا اتُّفق عليها بينهما. الاتفاق على الهيركات يعني اتفاقاً على إعادة هيكلة الدين العام، وهو أمر مطلوب بشدّة لكن لا يمكن أن يتم من دون إعادة هيكلة القطاع المصرفي (مصرف لبنان والمصارف) نظراً إلى انخراطهما بشكل متجذّر في دين الدولة وفي تبديد الودائع.
سعر صرف الـ8 آلاف ليرة هو معدل مجموعة أسعار صرف ستُعتمد في الموازنة، ولم يتضح بعد على أي أسعار صرف ستُعتمد الأجور والرواتب، ولا الإيرادات وخصوصاً إيرادات الجمارك والضريبة على القيمة المضافة. لكن إذا كان الوزير السابق للمالية غازي وزني قد أعدّ المشروع بالاستناد إلى الاتفاق الذي تردّد أنه قام به مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بعلم ميقاتي وموافقته عليه، والقائم على تعديل الدولار الجمركي وإجراء تصحيح للأجور والرواتب في القطاع العام، فإن يوسف الخليل قد لا يُجري عليه أي تعديلات جوهرية، إلا إذا استدعى الأمر تضمين المشروع خطوات إضافية أو تعديلات على المسار المتّفق عليه والذي قد تقوم بها حكومة ميقاتي في سياق عملية إطفاء الخسائر.
الموازنة بهذا المعنى ستعكس رغبة الأطراف كافّة في الانتقال من مربّع النزاع حول رفع الدعم إلى مربّعات أخرى قد يكون لها طابع سياسي أو مالي واقتصادي.