300 مليار دولار، هذا هو حجم الدين الذي تحمله شركة «شاينا إيفرغراند غروب» الصينية التي تعمل في مجالات العقارات والسيارات الكهربائية والخدمات الصحية ومنتجات استهلاكية متنوّعة. هذا الدين محمول من شركة واحدة لم تعُد قادرة على الإيفاء باستحقاقاته. ملامح هذه الأزمة بدأت تظهر قبل نحو ثلاثة أشهر حين خفضت وكالات التصنيف الدولية التصنيف الائتماني لهذه الشركة التي اضطرت أن تقوم بإجراءات استثنائية لتسديد بعض المستحقات عليها فضلاً عن إجراءات أخرى تعبّر عن أزمتها.

«إيفرغراند» لديها استثمارات محلية هائلة، لكنها ترتبط مع العالم الخارجي عبر قنوات استثمارية وعبر بورصة هونغ كونغ. لذا، فإن تداعيات إفلاسها ستكون دولية. فقد تبيّن أن أسعار الأسهم في الأسواق المالية العالمية انخفضت بعد انكشاف احتمال توقف الشركة عن الدفع. وبلغت خسائر أغنى 500 شخص في العالم نحو 135 مليار دولار بسبب التراجع في الأسواق. وقد كان مالك شركة تيسلا إيلون ماسك، أكثر المتضررين إذ خسرت محفظته الاستثمارية نحو 7.2 مليارات دولار، وجاء بعده جيف بيزوس الذي خسر 5.6 مليارات دولار.
كان لافتاً أن السلطات الصينية طلبت من الحكومات المحلية في 23 أيلول لتجهيز نفسها للسقوط المحتمل للشركة، وتبع ذلك انهيار كبير في أسعار العقارات في الصين ثم في أسواق الأسهم التي تأثّرت بسبب المخاوف من تداعيات سقوط هذه الشركة. فمن الواضح أن السلطات الصينية قرّرت عدم إعطاء الشركة حزمة إنقاذ لمنع فشلها. وما يفسّر هذا الترابط بين أزمة «إيفرغراند» والأسواق المالية العالمية، هو حجم الأموال الغربية التي تذهب للاستثمار في الأسواق المالية الصينية، فخلال 15 شهراً وصولاً إلى حزيران 2021، استثمرت أموال غربية قُدرت بنحو 527 مليار دولار في أسهم الشركات الصينية.
تشبيه أزمة «إيفرغراند» بما حدث مع «ليمان براذر» الذي فجّر الأزمة المالية العالمية، يفتقر إلى الدقّة


تشبيه أزمة «إيفرغراند» بما حدث مع «ليمان براذر» الذي فجّر الأزمة المالية العالمية، يفتقر إلى الدقّة. بحسب الباحث آدم توز، فإن هناك فوارق عدّة بين الحالتين؛ القطاع المصرفي الصيني مدعوم من قبل الحكومة الصينية، وهذا يقلّل من المخاطر التي يتعرّض لها القطاع بسبب فشل الشركة العملاقة وتدهور وضع قطاع العقارات معها. كما يصف توز هذا الحدث بأنه «عملية هدم مسيطَر عليها» من قبل الحكومة الصينية. إذ إن بكين تفعل ما كان النقاد يطلبون منها أن تفعله منذ فترة، أي تفريغ فقاعة العقارات. إنها تفعل ما لم يفعله الغرب في 2007-2008، أي استخدام التدخل التنظيمي لإدارة الهبوط الصعب من دون حدوث انهيار مباشر. فالحديث عن الفقاعة العقارية في الصين يدور منذ سنوات عديدة، والجميع كان ينتظر أن يحدث، وبمجرد أن تسمح الصين لشركة مثل «إيفرغراند» بالسقوط من دون أن تتدخّل بشكل مباشر أو غير مباشر، مع العلم بوطأة هذا الحدث على السوق المالية الصينية، فهذا يشير إلى أنها لا تمانع حدوث هذا السقوط.