لا يزال النفط مصدراً مهيمناً للطاقة في جميع أنحاء العالم، رغم كل السياسات والمشاريع الرامية إلى الحياد الكربوني. إنتاج النفط ومعالجته وبيعه في الأسواق، ليست مسألة عادية تتعلق برغبات جهة أو فرد، بل هي مسألة استراتيجية يتم التخطيط لها على المدى الطويل. أوروبا أبرز مثال على السقوط الاستراتيجي عندما حاولت فكّ الارتباط بالغاز الروسي. لكن، باستثناء روسيا، فإن رغبات الدول الأخرى في هذه السيطرة على هذه الموارد ليست مركزية. بمعنى أوضح، هي تقوم بذلك من خلال شركات تملكها وتطوّر تكنولوجيات الاستخراج والمعالجة، وتبني اتفاقيات في الأسواق.
أنقر على الرسم البياني لتكبيره

في هذا المجال، هناك خمس شركات تسيطر على حصّة وازنة من مبيعات النفط حول العالم. المفاجئ، أن شركتين بينها هي صينية. لكن على رأس القائمة، هناك «أرامكو» السعودية التي قامت في الأساس بأنها شركة أميركية - سعودية واستمرّت على هذا الشكل لعدّة عقود، تنوّع خلالها شكل الوجود الأميركي في الشركة، إنما ظلّ هذا الوجود هو المسيطر على عمليات الشركة لفترة طويلة، وهو ما تعزّز بعدما جرى ربط سعر النفط بالدولار. ولغاية اليوم، لا تزال السيطرة الأميركية تأخذ أشكالاً متعدّدة. وهذا النفوذ الأميركي ليس محصوراً بأرامكو فقط، بل هو ملحوظ في دول أخرى. علماً أن شركة «إيكسون موبيل» الأميركية التي كانت أساسية في إنشاء «أرامكو» إلى جانب «شيفرون» و«تكساس أويل»، تُصنّف أيضاً من أكبر خمس شركات في عالم البترول.
وكان لافتاً أن يكون ضمن أكبر خمس شركات نفط، شركتان صينيتان هما «بترو شاينا» و«الصين للبترول والكيماويات». فالصين تُعدّ أكبر مستورد للنفط حول العالم، وهي المسماة مصنع العالم، تحتاج إلى كميات هائلة من النفط لتشغيل مصانعها ومعاملها، علماً أن الصين ليس لديها حقول واسعة من النفط، إذ إنها تنتج فقط 4 ملايين برميل نفط يومياً، فيما تستهلك 15 مليون برميل يومياً.
أما «توتال» الفرنسية، بوصفها نتائج الاستعمار الفرنسي، فهي مثل سائر الشركات الغربية، لديها منطقة نفوذ واسعة جداً، تشمل حالياً عدداً كبيراً من المشاريع التي تنتج 2.7 مليون برميل يومياً مستخرجة من بلدان في أفريقيا وآسيا وأوروبا والأميركتين، وروسيا أيضاً (أوقفت أعمالها في روسيا بعد الحرب الروسية الأوكرانية).
في العادة تعمل شركات النفط وفق تقسيمات عمل في البلدان والمناطق متفق عليها بين الدول ذات النفوذ، أو يُتفق عليها بحسب المناطق وتقاسم النفوذ فيها بين الدول المستعمِرة. بكلام آخر، ليس هناك تنافس كبير بين هذه الشركات، ولا سيما في مناطق الإنتاج الأساسية، بل إن غالبية هذه الشركات تدخل في شراكات في ما بينها ،من أجل توزيع الأرباح على بعضها وتقاسم المنافع الأساسية في استيراد النفط ومشتقاته والمنتجات البتروكيماوية.