يسهل تكهّن المضمون الموسيقي لعرض جاهدة وهبه وإيلي معلوف في معبد باخوس، في قلعة بعلبك. عنوان الأمسية «من الطرب إلى الجاز» (17 آب)، يقول الكثير. يبقى انتظار التوليفة، أو اللغة والخيارات التي سيعتمدها الموسيقي إيلي معلوف، واكتشاف تجربة جديدة لجاهدة وهبه مع الجاز بمرافقة فرقة معلوف الآتية من باريس. المميّز في جاهدة وهبه ليس صوتها فقط وقوّة أدائها، بل هي السهل الممتنع للتجارب الموسيقية، ضمن الإطار الراقي للموسيقى. الطرب ملعبها، لكنّ حدوده لا تتسع لصوتها. منه تعبر الى الكلاسيك والموسيقى الصوفية والإنشاد والغناء الأوبرالي. كلّ هذا مدعوم بتخصّصها في المسرح أيضاً.
إيلي معلوف

تعود إلى الصرح الروماني التاريخي بعد 13 عاماً، منذ مشاركتها عام 2005 في «أيّام رباعيات الخيام» (إنتاج «مهرجانات بعلبك الدولية»). لا شكّ في أن خشبة هذا المسرح، هو مكان طبيعي لجاهدة وهبه، حين يقع الخيار على تقديم أمسية طربية.
صاحبة «ترجمان الأشواق»، و«كتبتني» و«شهد» لا تزال تحمّل صوتها القصائد الجميلة من الشعر القديم الى الشعر الحديث. غنّت المتنبي، جبران والخيّام والحلّاج، وأنسي الحاج، وطلال حيدر، وأدونيس، وسعيد عقل ومحمود درويش، وبابلو نيرودا وغيرهم.
وسبق لها أن غنّت فيروز، أم كلثوم، أسمهان، سيد درويش، زكي ناصيف واديث بياف... من هذا المخزون ومن أعمالها الخاصّة، تغنّي جاهدة توزيعاً جديداً للأغاني بقيادة ايلي معلوف. الأخير مؤلف، وعازف بيانو وبزق، درس البيانو في لبنان، غادر ليكمل دراساته الموسيقيّة في فرنسا في أواخر الثمانينيات، وتخصّص في «المعهد الأميركي لموسيقى الجاز المعاصر في باريس». اعتاد خلطات موسيقية معيّنة مع البيانو، هو أيضاً ممن يصنفون في باريس ضمن ما يسمّى بـ «الأورينتال الجاز». التسمية التي أساءت الى الطرب والى الجاز.
المميّز في جاهدة ليس صوتها وقوّة أدائها فحسب، بل هي السهل الممتنع للتجارب الموسيقية


في ألبومه الوحيد through life الصادر عام 2008، اعتمد خلطة بين آلات البيانو، الساكسافون، الباص، والإيقاع الشرقي. سبق لمعلوف أن تعاون وعزف الى جانب جاهدة، كما إلى جانب فاديا الحاج ومنال سمعان وزياد أحمدية. وتعاون في تجارب مختلفة في الخارج مع موسيقيين ومغنّين أوروبيين لامعين. اقترب معلوف الى الموسيقى الشرقية في فرنسا، أكثر ممّا اقترب منها في لبنان، بسبب ما اكتشفه وسمعه في مكتبات العاصمة الفرنسية من أرشيف هذه الموسيقى.
ستقدّم جاهدة وإيلي عملاً مشتركاً خاصّاً بهذه الأمسية بعنوان «افتتاحية لبعلبك». التحدي الجديد في تجربة موسيقية تمزج بين الجاز والطرب، هو تقديم جديد في هذا المزيج، وتقديم ما يمتع المستمع من دون الاقتصار على إعادة توزيع أو تكرار نغمة «مدّ الجسور بين الثقافات». كلّ من اللونين يتسّع لكثير من مساحات الارتجال واللعب والتجربة، ما سيجعل من لقاء جاهدة وإيلي في 17 آب، محطة ضرورية على خارطة المهرجانات هذا الصيف.