تحتضن «مهرجانات بعلبك» فعالياتها مساء ٢٠ تموز (يوليو) حفلة لإحياء ذكرى أم كلثوم تحت عنوان «بعلبك تتذكر أم كلثوم». تؤدي مي فاروق ومروة ناجي في الليلة المنتظرة باقة مختارة من أغاني «كوكب الشرق»، ترافقهما «الأوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرق عربية» بقيادة المايسترو المصري هشام جبر. ليست الستّ غريبة عن فعاليات المهرجانات، فقد ارتبط اسمها بـ«بعلبك» التي احتضنتها ثلاث مرّات، وقدمت فيها إحدى أجمل حفلاتها عام ١٩٦٨. لكن هذه المرة ستكون حاضرة من خلال أغنياتها فقط بصوت مي فاروق ومروة ناجي اللتين تقدّمان أعمالاً مثل «أغداً ألقاك»، و«إنت الحبّ»، و«أنا في انتظارك ملّيت»، و«ألف ليلة وليلة»، و«يا مسهّرني».
جين بيركنز

لا تعتبر مي فاروق مجهولة للجمهور اللبناني، حيثُ غنت هنا في حفلات. أما الجمهور العربي، فقد تعرّف إلى صوت مي فاروق في مسلسل «الليل وآخره» عام 2003، حيث استمع الجمهور إلى صوتها من خلال شخصية كانت تؤديها الممثلة نرمين الفقي. اشتهرت الأغنية آنذاك في مصر، وبدأ الحديث عن مطربة صاعدة تغني في «دار الأوبرا» اسمها مي فاروق. التحقت فاروق بفرقة المايسترو سليم سحاب قبل سنوات من تعرّف الجمهور إليها في مسلسل «الليل وآخره»، حتى صارت من نجوم «دار الأوبرا» المصرية، ثم أصبحت خلال سنوات من ألمع الأصوات التي تؤدي أغاني أم كلثوم. توقّع العديد من النقاد نجاحاً باهراً لصوتها القوي وقدرتها على أداء أصعب الأغاني، لكنها اختفت فترة عن الساحة الفنية من دون أسباب واضحة، ثم عادت وظلت مخلصة لعباءة أم كلثوم في الغناء ولم تخلعها.
مروة ناجي أيضاً لا تعتبر بعيدة عن مسار مي فاروق، لكن الجمهور تعرّف إليها منذ فترة قريبة، وتحديداً من خلال برنامج المسابقات the voice في نسخته العربية عام ٢٠١٤. حِينَ ظهرت في المرحلة الأولى من المسابقة وقدّمت «برضاك» لأم كلثوم. ذُهلت لجنة تحكيم البرنامج المؤلّفة من كاظم الساهر، وشيرين، وصابر الرباعي وعاصي الحلاني من قوّة صوتها وتحكمها في المقامات. لم يتوقف الأمر عند لجنة التحكيم فقط، فقد تمّ تداول مقطع الفيديو الذي تغني فيه الأغنية ملايين المرات على شبكات التواصل الاجتماعي، وكان الجميع مذهولاً من صوتها.
بدأت مروة ناجي مسيرتها الفنية من «دار الأوبرا» المصريّة، وتنقّلت بين فرق مختلفة داخلها، ثمّ بدأت بأداء أغانٍ لأم كلثوم في حفلات وأمسيات، حتى صار لها جمهورها المرتبط بدار الأوبرا. لكن اشتراكها في البرنامج أخيراً، أتاح لها مساحة جماهيرية أوسع. خرجت مروة من الأدوار النهائية في البرنامج، لكن ظلّ الجميع يتحدث في مواسم لاحقة أن غناءها «برضاك» كان الأفضل في جميع المواسم.
تقدّمان «أغداً ألقاك» و«أنا في انتظارك ملّيت» و«ألف ليلة وليلة»


بعد البرنامج، حاولت مروة الدخول إلى مجال التمثيل من خلال مسلسل تلفزيوني مع الفنان خالد الصاوي، وفيه قدّمت أغنيات عدّة من دون أن تلقى نجاحاً كبيراً لدى الجمهور والنقاد. عادت بعدها إلى دار الأوبرا مرة أخرى، لتؤدي في حفلاتها أغاني أم كلثوم. تحاول الفنانة بين الحين والآخر الخروج من عباءة أم كلثوم، لكنها ظلّت مخلصة لأغنية «برضاك» التي قدّمتها إلى الجمهور الذي صار يطلبها منها خلال حفلاتها بعد البرنامج، ما أبقاها حبيسة أدائها الأول.
ما يبدو مستغرباً من لجنة المهرجانات هو استبعاد أغنية «بعيد عنك» من الباقة المختارة، وخصوصاً أن الأداء الأشهر للأغنية مسجّل في حفلة أم كلثوم على أدراج معبد باخوس عام 1968. أحدهم نشر تلك الحفلة أخيراً على موقع «ساوند كلاود» الإلكتروني تحت عنوان: «تفاريد مخيفة لأم كلثوم». ربما يكون صعباً وقوف المطربتين على الخشبة نفسها التي ملأتها أم كلثوم بصوتها وآهات من شاهدوها قبل عقود، لكن ذلك قد يكون حافزاً للمطربتين، في الوقت نفسه، من أجل تجربة أداء حقيقية أمام جمهور شهدَ أعظم تجليات «الست» وتفاعل معها بجنون.