الخيارات المتاحة لمكان نلتقي فيه مع مصممة الأزياء السورية الشهيرة هويدا البريدي مفتوحة على احتمالات متعددة في مقاهي دمشق، فالسيدة التي قدّمت مقترحاً عميقاً لمهنة تصميم الأزياء، تشعر لمجرّد أن تكون في بلدها بارتياح كبير ومزاج معتدل، علماً أنها صنعت اسمها وشهرتها انطلاقاً من إمارة دبي التي تقيم فيها منذ عام 1996... يحفل تاريخ المصممة السورية بإنجازات فردية بعيدة عن تصميم الأزياء للفنانين والمشاهير، إذ كان ممنوعاً أن يشارك مصمم من جنسية غير إيطالية في انتخابات ملكة الجمال هناك، لكن البريدي كانت الاستثناء الوحيد للحضور ضمن مصممي أزياء ملكات جمال هذا المهرجان العالمي، كما أنها حصدت سنة 2011 لقب أفضل تصميم في مهرجان «موضة موفي» الذي يقام في مدينة كونسزا الإيطالية، وعرضت تصاميمها في مختلف العواصم الأوروبية!تزور البريدي الشام ليس في إجازة اعتيادية، بل للتحضير بالتعاون مع جهات راعية لعرض أزياء عصري ضخم ستقيمه في 19 تشرين الأوّل (أكتوبر)، بمنطق بصري وفنّي يتخطى روح الحرب، ويقبض على حالة التعافي التي تعيشها العاصمة السورية هذه الأيّام، من خلال إطلاق هذا العرض في سوق «البزورية» العريق في قلب الشام القديمة، غالباً من أجل أن تكون الرسالة الموجهة للعالم حولة أحقية سوريا، بالصيغة الأنيقة وإصرار أهلها على العناية بالموضة والجمال رغم ألسنة اللهب وحزام الخراب الذي سوّر السنوات السبع الماضية!
على خط مواز، تقدّم البريدي برنامج Reality show على الفايسبوك بعنوان «دبّوس هويدا» بالتعاون مع الفنّان التشكيلي والناقد مأمون علواني. البرنامج الذي لا تزيد مدة كل واحدة من حلقاته عن 7 دقائق، يعتمد على التعريف بأهم التشكيليين العالميين ومدارسهم بينهم الإيطالي بوتيتشيلي (1445/1510) ولوحته الشهيرة «مولد فينوس»، والهولندي موندريان (1872/1944) والنرويجي مونخ (1863/1944)، ثم إعطاء فرصة للمصممة السورية كي تستوحي فستاناً يحاكي إحدى لوحات الفنان العالمي أو أسلوبيته بالشغل التشكيلي. هكذا، قدم «دبوّس هويدا» على مدار أربع حلقات جوهراً لتصميم أزياء يرتبط بشكل وثيق بالفن التشكيلي، باختلافاته المتغايرة وعصوره المتبانية، من دون أن تتخلى بنية البرنامج عن الملمح التاريخي الذي تشتغل البريدي عليه. فقد سبق لها أن سافرت إلى باريس واشترت قطع قماش أثرية وأعادت تصنيعها ووضعها ضمن الفساتين العربية ليسميها بعضهم منذ ذلك الحين «مصممة القصور الراقية».
البرنامج يلعب بتكنيك السوشال ميديا من حيث الوقت أولاً، ثم من ناحية مداراة جوهر الألوان وحضورها التعبيري الفني المرتبط بدلالاته المؤثرة. يسيّج كل ذلك هوية بصرية حديثة جعلت الحلقات تحصد مشاهدات عالية تجاوزت في إحداها 3 ملايين مشاهدة. وإن كان «دبّوس هويدا» يقدم جرعة وافرة من التشويق في حلقته الأولى، ويخلّف الدهشة عند مشاهديه، إلا أن منسوب الآكشن البصري يتراجع لدى المتلقي تدريجاً بسبب فقدان منسوب الدراما في حواراته والاتكاء المطلق على الارتجال، وتكرار نفس المقترح الحكائي، بدخول المصممة على الفنان التشكيلي لتجده منهمكاً داخل دار أزيائها، مع عارضاتها بإنجاز معادل موضوعي للوحة عالمية، ثم تنصرف نحو التصميم، لنشاهد الفستان بموازاة اللوحة في نهاية الحلقة. لهذا السبب تشرح البريدي في حديثها معنا بأنها ستلعب على فكرة التصعيد الدرامي في الحلقات القادمة، والاعتماد على فكرة استقدام ضيوف نجوم، ومحاورتهم وتحليل شخصياتهم من خلال الألوان التي يفضلونها ثم انجاز فستان عصري من تلك الفكرة