بعد طول انتظار، طرحت شيرين عبد الوهاب أمس الأربعاء ألبومها الغنائي «نسّاي». في هذا العمل الذي أبصر النور تزامناً مع احتفالها بعيد ميلادها الثامن والثلاثين، قرّرت المغنية المصرية أن تتشبّه بالنجمات الأجنبيات، تاركة لجمهورها اختيار إسم إحدى الأغنيات التي رسى عنوانها في النهاية على «تاج راسك». هكذا، أشركت صاحبة «مشاعر» متابعيها على السوشال ميديا في جزء من عملها، ضمن السياسة الترويجية لـ «نسّاي» الذي صار متوافراً على «يوتيوب» بعدما كان يمكن لعملاء إحدى شركات الإتصالات المصرية الحصول عليه حصراً. يضمّ الالبوم 12 أغنية منوّعة، تدور غالبيتها في فلك تحفيز النساء والتعبير عن هواجسهن ومشاكلهن، ودعوتهن للانتفاض والتحرّر من قيود الرجل. من الواضح أنّ شيرين مشت على خطى زميلتها اللبنانية إليسا التي تخصّص في كلّ ألبوماتها الأخيرة أغنية (أو أكثر) تعالج فيها (أو في كليبها) مشكلة اجتماعية تعاني منها النساء في عالمنا العربي. فقد سبق لصاحبة «عبالي حبيبي» مثلاً أن تطرّقت للعنف الأسري في «يا مرايتي» (إخراج آنجي جمّال). هذا العمل تضمّن مشاهد تعنيف تتعرّض لها المرأة من قبل زوجها، قبل أن تثور في النهاية. كما تناولت في كليب «عكس اللي شايفنها» إنتحار الراقصة اللبنانية داني بسترس في عام 1998، قبل أن تصدم الجمهور أخيراً في كليب «إلى كل اللي بحبوني». هنا، كشفت إليسا تعافيها من سرطان الثدي، في عمل كان أشبه بحملة توعية للكشف المبكر عن ذلك المرض.
صحيح أنّ إليسا كانت بطلة هذه المشاريع، لكنّ السيناريو استوحي من أرض الواقع العربي وحاكي يوميات مجموعة من النساء البائسات في مجتمعاتنا.
على هذه الخطوات الناجحة، مشت شيرين أيضاً. فقد قرّرت في «نسّاي» تناول قضية جديدة، وهي تضحية المرأة بطموحاتها وسحق كيانها وأحلامها من أجل زوجها، قبل أن تقرّر في النهاية التحرّر وإنهاء العلاقة لأنّها ليست «عبدة ولا جارية» بل «ستّك وتاج راسك». الأغنية طرحت على يوتيوب وترافقت مع كليب رسوم متحركة ساعد على إيصال الرسالة المبتغاة.
من الواضح أنّ قضايا النساء أصبحت واجهة الفنانات هذه الأيام. هذا الأمر دليل خير على أنّ الفنّ يجب أن يتضمّن رسائل إجتماعية هادفة وصريحة، وفي طليعتها تحرّر المرأة من القيود التي تكبّل تقدّمها. التحرّر، والثورة، ومحاربة العنف الأسري، والتوعية من الأمراض، كلّها «تابوات» لا تزال ضمن الخطوط الحمراء، وتحديداً في العالم العربي الذي تعاني فيه المرأة من الكثير وترزح تحت مجموعة من «المحرّمات». فكم من امرأة تزوّجت إرضاءً للمجتمع فحسب؟ وكم من إمرأة تخلت عن طموحها بالتعليم أو بالعمل بناء على رغبة زوجها؟
هذه المواضيع المهمّة، من الواضح أنّها ستدخل البازار الفني، إذ ستبحث الفنانات عن قضايا «حسّاسة» تشكّل ما يشبه «صدمة» للجمهور. ويبقى الرهان على ذكاء المغنيات في اختيار الأفكار وطريقة معالجتها.