لن نستمع من بعد اليوم إلى مزاحه أينما التقيناه، إذ كان يرتجف ويردد بتهكمه المعهود: «ولي ولي... الناقد الفني» ولن يجتمع به آخر صعاليك دمشق على كأس الظهيرة في إحدى الحانات! رحل الممثل السوري أكرم التلاوي (1955- 2018). أعلن النهاية بعدما تعب قلبه خلال السنوات الماضية، فاختار له الراحة الأبدية أمس. إذ أصيب بجلطة قلبية سنة 2016 تغلّب عليها مؤقتاً بفضل روحه المرحة ورغبته المفرطة في الحياة. يومها اتصلنا نطمئن عليه، فقال بصوت متعب: «ما زلت على قيد الحياة، ولا تسألوني عما اشتغلته هذا العام لأنني نسيت تماماً المهنة التي ابتليت بسببها بالجلطة».«عرّاب الطيبة» كما كان يلمس كلّ من عرفه، احتال طويلاً على الظروف الصعبة، وتعلّم القفز من فوقها بخفّة، كما أجاد فن الكوميديا الحياتية، واعتاد توزيع السعادة أينما حلّ، حتى أنه كان يبتسم ولو مرغماً بوجه كل من يطمئن عليه فترة مرضه. لكن أمس، وصلت القافلة إلى محطتها الختامية، فمضى حاملاً معه تاريخاً من العمل الفني، كان قد بدأه مع الجيل المؤسس للدراما السورية. رغم دراسته علم النفس وتوجّهه فور تخرجه إلى التدريس في «كلية التربية»، إلا أنه سرعان ما طلّق هذه المهنة، وهرول متتبعاً أثر حدسه، وبخيار شخصي قرر ابن العائلة الدمشقية الانتماء إلى القاع والنبش فيه ليستخرج شخصيات واقعية اشتغل بالاتكاء عليها في ما قدّمه من أدوار.
الرحلة الفنية كانت قد بدأت سنة 1985 عندما انتسب إلى «نقابة الفنانين السوريين» ومن ثم قدم مجموعة عروض مسرحية وساهم في تأسيس المسرحين التجاري والجوّال رفقة بمجموعة من زملائه، فيما قدّم قبل ذلك عروضاً مسرحية محترفة نذكر منها: «فرعون لا يشبه الفراعنة» و«مقابلة صحفية في بوينس آيرس» و «الدب» و«هاملت يستيقظ متأخراً». وعلى صعيد التلفزيون، ترك الراحل في مكتبته عشرات الأعمال الدرامية المتفاوتة من ناحية السوية منها: «عز الدين القسّام» (لهيثم حقي 1981) و«عمر الخيّام» (لشوقي الماجري 2002) و«ليالي الصالحية» (2004 لبسّام الملّا) و«قمر بني هاشم»(2008 لمحمد الشيخ نجيب) و«الدوامة» (2009 للمثنى صبح) وسلسلة «باب الحارة» الشهيرة (لبسام الملا) و«زوال» (2016 لأحمد إبراهيم أحمد) إضافة إلى مساهماته في الكتابة التلفزيونية في أماكن عدّة.
وفاة الممثل السوري حوّلت الفايسبوك السوري إلى خيمة عزاء انضم إليها زملاؤه الفنانون بينهم: باسم ياخور، وفادي صبيح، وتولاي هارون، وعلاء القاسم... فيما سيصلّى على جثمانه اليوم بعد صلاة الظهر في جامع «الربوة» يوارى بعدها ثرى مقبرة «الحقلة» في حي الميدان، لتتلقى عائلته التعازي في صالة «دار السعادة» (المزّة) بين الساعة 7/9 مساء أيام الأحد والاثنين والثلاثاء.