تبدو سارة فرح قياساً مع ما يحدث على الساحة الغنائية، كأنها من كوكب آخر. لا تنتمي إلى عالم الصخب والضجيج. تنحدر من أصول تعود إلى الزمن الجميل. زمن الحناجر الذهبية وعمالقة الغناء المباشر على المسرح لساعات طويلة! لن يكون غريباً أن تنجب بلاد صباح فخري مواهب بهذا الحجم. مع ذلك لم تعرف فرح حتى اليوم طريق الشهرة الواسعة التي سلكها بعض زملائها، لكنّها تبدو غير مكترثة. مزاجها معتدل دوماً. لا يعنيها الصيت المدّوي، ولا الأجر الخرافي، ولا سلاسل الحفلات التي لا تتوقف أو طوابير المعجبين. تؤمن بأن تسبك خطواتها بمتعة من دون تذمّر أو إحساس بالخلل، بل بأكبر جرعة من المتعة! مبدئياً صارت أقرب إلى الجنسية السويدية حيث تقيم منذ فترة، لكن دمشق حلمها وملاذها الأوّل والأخير، لذا فهي توضّب عدّتها لتستقرّ هنا دائماً. أيّ في المكان الذي بدأت تتلمّس فيه خطوات درب مختلف عما امتهنته، بعدما منحها سيف الدين السبيعي فرصة التمثيل في مسلسله «قناديل العشاّق» (كتابة خلدون قتلان). حينها أحرجت فرح كلّ من غنى في هذا المسلسل بسبب الفارق الواضح في المقدرات والكاريزما الصوتية. الخطوة السابقة ستليها تجربة هذا العام في «مقامات العشق» (عن سيرة الشيخ الصوفي محيي الدين بن عربي- كتابة محمد البطوش وإخراج أحمد إبراهيم أحمد- تلفزيون «أبو ظبي»). إذ ستلعب فرح دور عتاب «وهي مربية الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي التي كانت تعيش معه، ولم تتخل عنه بعد وفاة أهله بقيت إلى جانبه وساهمت في تشكيل حالة معينة لديه. كانت صاحبة صوت جميل، وهو ما رشّحني للعب الدور أعتقد أن هذه ميزة تشعرني بخصوصية. لذا أسعى فعلياً لإحتراف التمثيل ومن دواعي ارتياحي أن تأتيني الأدوار التي تحتاج إلى مقدرات غنائية وموهبة إضافية». تقول فرح في حديثها مع «الأخبار» أثناء تواجدنا في موقع تصوير «عندما تشيخ الذئاب» (عن رواية إبراهيم ناجي-حازم سليمان وعامر فهد). أما سبب حضورها إلى موقع التصوير هذا، فلن يكون من أجل أدائها دور، إنما مجرّد مرور لكي تبارك لأصحاب العمل الذي ستؤدي له أغنية التتر. إلى جانب ذلك، يبدو عامر فهد متحمّساً للترويج الفني لهذه الموهبة. المخرج السوري هو ابن المغني الراحل جورج فهد. فمن المنطقي أن تكون ذائقته الموسيقية غنية بطريقة تجعله يقترح على فرح أن تحفظ بعض أغنيات الزمن الجميل لينجز لها هذه الأغاني بتوزيع جديد عل نمط الفيديو كليب وبكاميراته!على هذا الصعيد أنجزت فرح Cover أخيراً وهو عبارة عن كولاج بين أغنيتي يارا «إنت مني» وشيرين عبد الوهّاب «عارفة». تطلّ فرح في عملها هذا بأسلوب بدأ ينتهجه المكرّسون ليمنحوا مشاهديهم إحساس الحضور بشكل مباشر من دون استعراضات الفيديو الكليب، وبسوية أدائية تخاطب فيها مكامن حساسة لدى المشاهد. تكشف نجمة «ستار أكاديمي» هنا عما هو معروف أصلاً في مقدراتها الغنائية الخاصة، لكنها تضيف مساحة تضيء على تمتعها بإحساس عال، وفهم عميق للغة الجسد أثناء الأداء المنساب مثل شلال مياه عذبة!