«مستر أوفر» هو اللقب الذي يطلقه بعض العاملين في الدراما السورية على كلّ من يحاول المبالغة والتهويل، بالنسبة لما وصلت إليه هذه الصنعة، ورشّ بهارات «البروباغندا» على حضورها ومساحتها في المشهد العربي. التسمية الساخرة أتت نتيجة محاكمة نقدية ساخرة لكلّ من يقع في الوهم، معتقداً بأن هذه المهنة تكّرست ولا يمكن أن تهتز رغم أنها تهالكت في مطرح ما! مقارنة بسيطة بما تنجزه «عاصمة الأمويين» وما يقدّم عالمياً أو مصرياً في سنوات سابقة، تترك المشاهد في حالة يأس من المستوى العام الذي نظهر عليه اليوم. طبعاً التهاوي بدأ قبل انسحاب المنتج الخليجي بشكل تصاعدي من ميدان الدعم للمسلسل الشامي، ثم ترك صانعه وحيداً في مهبّ الحرب التي قضمت نصيبها من كافة الميادين السورية، من ثم محاولة الإجهاز على هذا المنتج الإعلامي، ومقاطعته في سنين كان في أمسّ الحاجة فيها لسوق عرض وداعم حقيقي، أي في أعوام الحرب التي أكلت حصّة يسيرة من روح أقدم عاصمة مأهولة في التاريخ! خلال الأيّام القليلة الماضية، وكما كلّ موسم انصرف عدد من مخرجي الدراما السورية، وكتّابها إلى التطبيل والتزمير للمنَتَج الذي تتداوله المحطات ربما بشكل مختلف عن المرحلة الماضية. طبعاً لا يمكن مصادرة حق أحد الحفاوة لأي منجز ولو كان بائساً، لكنّ الغريب أن تتحول صفحات السوشال ميديا عند بعض العاملين في الدراما السورية لما يشبه أبواق ينصبّ اهتمامها الرئيس على النفخ في حضرة عرس مترّهل من دون التفكير ملياً بما هو قادم.... ربما كّل ذلك بذريعة عدد محدود من المسلسلات الناصعة هذا الهام، أو بذريعة عودة «أبوظبي» للاستثمار في السوق السورية، من خلال أربعة مسلسلات هي: «العاشق- صراع الجواري» («الحّلاج» سابقاً ـ كتابة أحمد المغربي وإخراج علي علي ـ إنتاج «أبو ظبي» – منتج منفذ Isee Media ياسر فهمي وإياد الخزوز- «روتانا» و«تين» المصرية) و «مقامات العشق» (كتابة محمد البطوش وإخراج أحمد إبراهيم أحمد ـ أنتجته وتعرضه قناة «أبوظبي»- منتج منفذ مفيد الرفاعي) و«عندما تشيخ الذئاب» (عن رواية بالاسم ذاته للراحل جمال ناجي ـ سيناريو وحوار حازم سليمان ـ وإخراج عامر فهد- منتج منفذ Isee Media ياسر فهمي وإياد الخزوز- أنتجته وتعرضه قنوات «أبوظبي») و «صانع الأحلام» (عن رواية بالاسم ذاته للسعودي هاني نقشبندي- سيناريو وحوار بشار عبّاس ـ إخراج محمد عبد العزيز منتج منفّذ مفيد الرفاعي- تعرضه «أبوظبي»- صوّر في لبنان) إضافة إلى تسيّد «حرملك» (لسليمان عبد العزيز وتامر اسحاق إنتاج «كلاكيت» ـ تعرضه mbc1) و«دقيقة صمت» (سامر رضوان وشوقي الماجري) ولعبة حبس الأنفاس والمتعة في صوغ الحبكة الماهرة.
أما على الأرض، فقد عانى فعلياً كلّ من دخل دمشق للشغل فيها مجدداً، من سوء الوضع الخدماتي ومفرزات الحرب الاقتصادية على البلاد، كما أنه يبدو للجميع اقتصار حضور منجز مشروع «خبز الحياة» الذي أطلقته «المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي» على المحطات الرسمية، من دون تحقيق أدنى حالة من الجماهيرية.
بالتالي يمكن القول بثقة بأنّ لا ملامح فعلية لانفراجة حقيقية على مستوى الدراما السورية، ولو كان هذا الموسم هو بمثابة طفرة توازي ما حققته الدراما المحلية أيّام العز، من دون اقتناص الفرصة لإرساء دعائم صناعة ثابتة تملك رؤوس أموال واضحة، تتوّحد في هيئة تعمل بمنطق مؤسساتي على شكل اتحّاد للمنتجين مثلاً، ثم الشغل الحكومي الفعلي على إطلاق سوق عرض محلية تقي الشركات المنتجة عوز التلطّي على أبواب الفضائيات العربية بقصد بيع الأعمال، ومن ثم فرض شروطها على المحطات العربية.
رغم كلّ ما سبق، ما زال بعض المخرجين يتباهون بإنجازاتهم المتواضعة، ويطلقون ألقاباً فضفاضة على بعضهم. على سبيل المثال، يسمّي أحد المخرجين زميله «فخر الصناعة السورية» علماً أنه استناداً لما سبق لم ترق الدراما في الشام يوماً إلى مكانة الصناعة المحكومة بقواعد وتقاليد، ومنتجين مثقّفين، وسوق عرض مفتوحة، وآخر يركّز على ترتيب اسمه في الشارة، وثالث لا يعنيه إلا مكانه في البوستر، ورابعة تنصرف إلى عمليات التجميل والشكل البرّاني الذي تظهر عليه... القضية أعمق من ذلك بكثير، والاستثناء الحاصل هذا الموسم يستحق تأمّلاً هادئاً، وإعادة معاينة للإشكالات، والسؤال أوّلاً عن التراخيص الثلاثين للمحطات السورية الموضوعة على طاولة «وزارة الإعلام» من دون أخذ الإذن للمباشرة في الشغل!

*«مقامات العشق»: 17:00 بتوقيت بيروت على «أبو ظبي دراما»، و14:00 على «الإمارات»
*«عندما تشيخ الذئاب»: 20:00 بتوقيت بيروت على «أبو ظبي»، و1:00 على «أبو ظبي دراما»
* «صانع الأحلام»:22:00 بتوقيت بيروت على «أبو ظبي»
* «حرملك»: 00:00 بتوقيت بيروت على «لنا»، و23:00 على mbc، و23:30 على lbci
* «دقيقة صمت»: 22:30 بتوقيت بيروت على «الجديد»، و21:00 على «art حكايات»، و1:00 على «أبو ظبي»، و21:00 على «أبو ظبي دراما»