لا يتبع الفنانان بالضرورة الخط نفسه إن بحثنا في مسيرتهما الفنية وفي خياراتهما الموسيقية. فروحانا معروف أكثر بسلوكه طريق البحث والتجدد في الموسيقى والتراث العربي. أما زين، فمنذ نجاحه في برامج اكتشاف المواهب وبروزه كأحد الأصوات الواعدة، ارتبط اسمه بشركات الإنتاج البارزة والجماهير العربية الواسعة. وإن كانت التجربتان مختلفتين، فتبقى الموهبة الموسيقية ما يجمع بين الاسمين، عزفاً وتأليفاً من جهة روحانا، وأداءً غنائياً من جهة زين. بعد التحية التي وجّهها شربل روحانا العام الماضي لسيّد درويش ضمن المهرجان نفسه، وبناءً على الأصداء الإيجابية التي حظي بها العرض، دُعي مجدداً لتقديم حفلة أخرى مختلفة هذه السنة. لم يكن المطلوب أمسية مخصصة لأعمال روحانا الخاصة، بل العثور على موضوع أكثر شمولية يتناسب ومتطلبات المهرجان. أحبّ الفنان هذه المرة أن يوجّه نوعاً من التحية أو يقوم بجولة أفق كما اعتبرها على الموسيقى في المنطقة العربية، من لبنان إلى سوريا ومصر والعراق وغيرها. علاوة على المقطوعات التي اختارها من الريبرتوار الغنائي العربي، كان بحاجة الى صوت مميّز قادر على تقديم هذه الأغنيات، فوقع الخيار على ملحم زين الذي يتمتع بصوت يحبّه روحانا جداً. تنضمّ الى الفنانين على المسرح فرقة موسيقية مؤلفة بين 15 و20 عازفاً. يتذكّر عازف العود حفلة العام الماضي ويعزو نجاحه الى بساطة تعبيره، بعيداً من الإنتاج الضخم. للفنان تجارب متنوعة في هذا المجال. واستعادة الأغنيات لا تمرّ لديه من دون إعداد مكثّف وبحث دائم عن التجديد، ولو كانت تلك الأغنيات معروفة جداً. وهو في ذلك يتجنّب التكرار ويميل أكثر الى الابتكار. هذه المرة لجأ الى صوت محبّب ومعروف جماهيرياً من أجل رفع التحدي.
عن التعاون بينه وبين ملحم زين، قال شربل روحانا في حديث مع «الأخبار»: «أبحث دائماً عن الأمور والمساحة المشتركة والجميلة بين الناس. في هذه الحالة، هي مساحة كبيرة جداً، إذ قررنا أن نطل على ريبرتوار الدول العربية الذي يعرفه الناس، من إعدادي وصوت ملحم. البداية التي اخترناها للأمسية تعيدنا الى أجواء الأندلس. ليس من عناوين واضحة بعد، فنحن ما زلنا نعدّ للبرنامج، وقد نضيف أو نلغي بعض الأغنيات». في حين لم يكن البرنامج النهائي واضحاً بعد أثناء التواصل مع روحانا، كانت هناك بالطبع بعض المعايير التي ارتكز عليها من أجل تكوين هذا البرنامج الذي قد يكون متشعباً جداً نظراً الى توسّع الموضوع: «نختار بحسب البلد الأغنيات التي تعجبنا وتعجب الناس. ونعمل عليها كي نأتي بلوحات جميلة في النهاية. لن نكتفي بتقديم الأغنية تلو الأخرى، بل سيكون هناك نوع من الخلطة. العامل الإضافي في هذه الأمسية هو صوت ملحم. على هذا الأساس، اتصلتُ به. هناك بالطبع أصوات جميلة، ولكن ما جعلني أختاره هو أنه لا يتمتّع فقط بمساحة صوتية كبيرة. فالتعبير أيضاً موجود في صوته. هو يغنّي كأنه لا يغنّي».