ما زالت غالبية صفحات السوشال ميديا السورية متراجعة نسبياً عن الوصول إلى صيغة محترفة تخوّل متابعيها الثقة بها واعتبارها منابر إعلامية تفيد بالخبر الدقيق، والرصد الوافي خاصة في ما يخص العملية الفنية التي ازدهرت بين فترة وأخرى بشكل متباين في سوريا. لكن غالبية الصفحات الفنية التي يتم تداولها تتسم بعدهم المهنية، والترويج للشائعات ونشر صور ممثلات سوريات، وترك الفرصة لبعض الجمهور كي يشتمهّن بذكورية مقيتة! حتى اليوم، يعتبر الفايسبوك الأكثر شعبيةً وشهرة عند السوريين، وربما صار مرجعية حقيقية بالنسبة إلى جميع أخبارهم، خاصة أن الإعلام بات يخاطب جمهوره من خلال صفحات رسمية على مواقع التواصل الاجتماعي. خلال سنوات الحرب السورية، توهجّت بعض الصفحات وحققت أرقاماً عالية في المتابعة بذريعة رصدها للحدث بشكل آني. إحدى تلك الصفحات هي «يوميات قذيفة هاون في دمشق» التي كانت تلاحق أخبار القذائف التي تنهمر على العاصمة وعدد الضحايا. تجاوزت الصفحة المليون متابع وتحوّلت إلى حساب ربحي يروّج للإعلانات بمصادفة محض، بمعنى من دون تفكير أو جهد أو عقل مدبّر. كل ما هناك فريق كبير من المتطوعين الموثوقين يخبرون عن نزول القذيفة ويتقصّون الخسائر. الحرب انتهت في الشام وخفتت نيران المعارك وظلّت الصفحة بالاسم نفسه! كان فريقها أمام لحظة مفصلية ليقول فعلاً بأنه إعلامي جديد أفاد من المكان الذي وصل إليه من خلال إعلان كبير يتم من خلاله الكشف عن تغيير اسم الصفحة، وتوضيح السياسة الجديدة، والمطرح الخام الذي ستذهب إليه الصفحة مع أخذ جمهورها باتجاهه، على اعتبار أنه لم يعد للاسم أي معنى. لكنّ القائمين على «يوميات قذيفة هاون» راحوا نحو تخبّط واضح، مرّة بلقاءات طويلة مع أساتذة أكاديميين، ومرّة بانتقادات فنية من دون حدّ أدنى من الوعي أو النضج ومرّات تحو السبات المطلق!
آخر ما حرر في الصفحة أخرج النجم أيمن زيدان عن طوره. إذ قرأ تعليقاً له يروي فيه أنه خلال خمس سنوات مضت مثلّ فيها بطولة ثلاثة أفلام وأخرج أربعة عروض مسرحية وصنع أوّل فيلم من إخراجه ولا يزال يتلقى أسئلة عن غيابه عن الدراما بمعنى أن الموضوع مرتبط بالتلفزيون بشكل أساسي! وقد أحالته الصفحة إلى ما يشبه الخبر المنقول أصلاً عن موقع آخر, ثم استطرد بتعليق إضافي صوّر فيه شتائم بعض المتابعين على هذه الصفحة ووصفهم بـ «حشرات» الفايسبوك، قبل أن يتراجع عن نشره للتعليقات ويلغيها عن صفحته!
النجم السوري المخضرم على حق مطلق بما يخص الإعلام البديل الذي يتم تكريسه منذ سنوات، لكن ربما يفترض أن يتريّث أيضاً في نشر تعليقاته على صفحته الشخصية كونه واحداً من قادة الرأي ولا يغفر له أي تسرّع أو غضب أو انفعال علني!