على الرغم من أن البرنامج كان اعتيادياً لناحية عدد العناوين التي حواها ومدّة تنفيذها، تفاجأ معظم من حضروا حفلة الفنان زياد الرحباني ضمن «أعياد بيروت» مساء الجمعة الماضي، عندما أعلن الأخير عن انتهاء الأمسية. مستوى الأداء العالي والسلاسة المخدِّرة التي كلّلت هذا الموعد الاستثنائي، جَدَلت الزمن فجعلته يبدو أقصر مما هو في الواقع. لا مفردات ترتقي عمقاً ودقةً إلى الحد الأدنى الذي يجعلها معبّرة كفاية لنقل وقائع هاتين الساعتَين اللتين جمّلت خلالهما موسيقى زياد صوت مدينتنا القبيح قبل الحفلة وبعدها. وجود قائد الأوركسترا الأرمني كارن درغاريان، الذي سبق أن قاد معظم حفلات زياد وفيروز/ زياد الكبيرة، لعب دوراً واضحاً في الإمساك بخيط البرنامج من ألفه إلى يائه، والنتيجة: صفر أخطاء. أكثر من ثلث البرنامج احتلّته الموسيقى (مقدمتا 83 و87، مقدمتا «لولا فسحة الأمل»، مقدّمة «بالنسبة لبكرا، شو؟»، «أبو علي»…) فيما تقاسمت الشق الغنائي، بشكل متساو تقريباً، الضيفة الأولى ليزا سيمون (My Funny Valentine، Work Song ،Feeling Good…) والجميلان حضوراً ومساهمةً حازم شاهين («شو هالإيام»، «أمريكا مين؟»، «تلفن عيّاش»…) ودعاء السباعي («البنت الشلبية»، «اشتقتلّك»، «بعدك على بالي»…).حضر الحفلة نحو ثلاثة آلاف شخص، ملأوا مدرّجات الواجهة البحرية، وتفاعلوا بالقدْر المناسب تماماً لجو الحفلة التي تتطلّب إنصاتاً لا حماساً مبالغاً فيه، فمدّوا الفرقة السمفونية المكتملة بالطاقة الإيجابية المطلوبة من دون إزعاجها، قبل أن يفجّروا تفاعلهم دفعةً واحدة مطالبين بالمزيد، أو حتى بإعادة إحدى محطات البرنامج الذي رضيت عنه جميع فئات الجمهور الصعب الإرضاء عادةً. لكنّ دردشة مختصرة بين المؤلف والقائد أفضت إلى قرار مختصر وحاسم: وداعاً… أو إلى اللقاء في جزين جنوباً وفي رحبة شمالاً (9 و11 آب/ أغسطس المقبل).