«سعودي ما بدي سعودي، بخليني بالأوضة، بدي واحد كويتي بمشيني عالموضة». هو صراع خليجي أشعلته الفنانة الشعبية السورية سارية السواس في أحد النوادي الليلية في ريف دمشق قبل نحو 10 سنوات، في زمن «الازدهار» السياحي. من هذه النوادي طرحت السواس السؤال «الوجودي» الأشهر في إحدى أغنياتها الهابطة، ضمن حوار مفترض مع إحدى بنات الليل: «وين مبارح سهرانة يا بنت الكلب، بشارع مساكن برزة ولا بالتل؟».هكذا أصبحت التحيات التي توجهها صاحبة «بس اسمع مني» خلال السهرات الخاصة إلى عبارات يتندر بها السوريون، وتحول «أبو جعفر» صاحب الشخصية المجهولة إلى شخصية عامة ومعروفة.
ابنة تلكلخ (منطقة في حمص) تعرف جمهورها جيداً، وأصبحت «أيقونة» شعبية، والأولى بلا منازع في الكراجات، كما أنّها محبوبة سائقي سيارات الأجرة والسرافيس والفانات.
مع اشتعال الأزمة السورية، تحوّلت أرض الشام إلى وجهة للسياحة «الجهادية»، وسيطرت «جبهة النصرة» لسنوات على مدينة التل القريبة من العاصمة والمعروفة بكثرة نواديها الليلية.
عندها انضمت سارية (38 عاماً) إلى قافلة النازحين من البلاد، لكنها استأنفت نشاطها الفني على نطاق عربي أوسع انطلاقاً من الإمارات وبيروت، والتحقت بموجة الفيديو كليب والألبومات، وأصبحت تعرف عن نفسها بأنها فنانة و«نجمة عربية».
وفي السنة التاسعة من الحرب التي أنهكت سوريا، قرّرت صاحبة «الجسر المعلّق» العودة إلى «حضن الوطن»، حيث تستعد لإحياء الحفلات والمناسبات والأفراح والليالي الملاح.
وجاء في بيان مفاجئ صادر عن «مكتبها الإعلامي» ونُشر عبر صفحتها الرسمية على فايسبوك: «إلى جميع المحبين وإلى متعهدي الحفلات الكرام نود إعلامكم عن عودة النجمة سارية الى حفلات سوريا شاكرين تفهمكم عن طول الغياب».
منشور سرعان ما تلقفه الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي بين مرحب وساخر، فيما تناولته بعض الصفحات السورية بأسلوب تهكمي.تساءل البعض إذا كانت لعودة السواس علاقة بعملية إعادة الإعمار، خصوصاً إعمار «الكازينوهات» بالسياح العرب من جديد. واستغرب بعضهم فكرة وجود «مكتب إعلامي» لفنانة شعبية، إذ جرت العادة أن يعتمد الفنانون على مديري أعمال، ولكن يبدو أنّ السوّاس تحوّلت إلى «حكومة متنقلة» في فترة غيابها عن سوريا، يقول أحدهم ساخراً. ووضع البعض عودة سارية في إطار إعادة «الأدمغة والكفاءات» المهاجرة إلى أرض الوطن.
فيما يعيش نصف سكان سوريا مشردين بين الداخل والخارج وأكثر من 80 في المئة منهم تحت خط الفقر، تمنّى بعضهم بسخرية أن تفتح العودة الميمونة والمبشرة لسارية السواس باب السياحة والانتعاش الاقتصادي من جديد، فيما رأى آخرون أن عودتها أولى بوادر انزياح الحرب، وعودة الحياة إلى طبيعتها، ويسمي هؤلاء زمن الرخاء والاستقرار «زمن سارية السواس»!