ربما كانت ستدفع عمرها لتعيش لصباح اليوم فقط، وترى اسمها يكتسح المشهد الإعلامي، ويزيّن عدداً كبيراً من صفحات المواقع الإلكترونية، والصحف العربية، ومواقع التواصل الاجتماعي، ولو بخبر واحد يعاد ببغائية مطلقة بالنسبة للمنابر الإعلامية، بينما سينحو زملاؤها الممثلون على حساباتهم الشخصية بينهم: تيم حسن وأمل عرفة وشكران مرتجى وفادي صبيح ووائل رمضان وعبير شمس الدين، وآخرون نحو الوجدانيات حيناً، والحسرة على تلاشي حضورها من المشهد تارة أخرى! على أي حال، من مفارقات القدر أن يعيش الممثل عمراً كاملاً بحثاً عن الشهرة، فيهديه إياها الموت بلحظة واحدة، لكن وسط صدمة أنه الوحيد الذي سيكون غائباً! لعلّ هذا شبيه بما حصل مع الممثلة اللبنانية الراحلة نجوى علوان (1966/2019) وإن كانت كل سلوكيات علوان توحي بثقل ثقافي يجعلها تترفّع عن العمل من أجل الشهرة فقط! كل من خبرها عن قرب لمح فيها حضور خاص، وبنية ممثلة لا يضنيها البحث عميقاً في عوالم الشخصيات التي تؤديها، ولو على حساب هتك قسط وفير من روحها وأحاسيسها وهي تقدّم لشغلها! مطلع الألفية الثالثة كانت علوان في عزّ عطائها، بعد تخرّجها من «المعهد العالي للفنون المسرحية» في دمشق. يومها كانت ابتسامتها في المحافل العامة عنوانها الذي يسبقها أينما حلّت، غالباً ما كانت تساير طلبات الصحافيين بإجراء حوارات، فإما أن تعتذر لاحقاً، أو يصبح الصحافي صديقاً، وذلك يعود لوزنه المعرفي ومدى ثقافته واطلاعه! لم تكن لكنتها اللبنانية تكشف عن أصولها وهي التي درست وعاشت وعملت في الشام كأنها ابنة سلسلة جبال القلمون المحاذية للبنان، لكنها في الحقيقة هي ابنة قرية «متين» في محافظة جبل لبنان التي ستشيعها غداً. وقد سارعت «مكتبة المتين العامة» لنعي الراحلة واستحضار أثرها البليغ كمسؤولة عن المكتبة وإحيائها بالأنشطة الفنية. مشوار علوان كان قد بدأ على خشبات المسارح لتطلّ على التلفزيون للمرّة الأولى في الدراما السورية التي قدمت فيها معظم أعمالها وأولها مسلسل «نهارات الدفلى» (1995 لفواز عيد ومحمد زاهر سليمان) ومن ثم كرتّ سبحة الأعمال التلفزيوينة وعلى رأسها «مرايا» (ياسر العظمة) لكن اللعب كان في هامش واسع منه في أعمال حاتم علي منذ «التغريبة الفلسطينية» (وليد سيف) إلى «عصي الدمع» (دلع ممدوح الرحبي) وصولاً إلى «على طول الأيام» (فادي قوشجقي) ومن ثم العمل البدوي «أبواب الغيم» (عدنان العودة) من دون أن تغيب عن الفورمات المعرّبة التي أنتجها حاتم وهي «مطلوب رجال» (إخراج سامر البرقاوي وسامي الجنادي) ومن ثم تحضر مع علي في آخر أعماله «عمر» (2012 وليد سيف). العمل هذا إلى جانب الأزمة في سوريا جعلها تغادر إلى غير رجعة، فيما أقصاها كلياً عن المشهد إصابتها بمرض «التصلّب اللويحي» لتعاني طويلاً قبل أن تستسلم إلى الرحلة الأبدية يوم أمس!