في الحقبة التي كُتب فيها فيلم The Little Things، كان دنزيل واشنطن قد فاز بأول جائزة أوسكار وكان جاريد ليتو ممثلاً غير معروف في هوليوود فيما كان رامي مالك قد أنهى دراسته الابتدائية. لكن هذا الثلاثي اجتمع ليقدم فيلم إثارة بوليسياً يعود إلى تسعينيات القرن العشرين من المقرر إطلاقه غداً الجمعة في دور السينما وعلى منصة البث التدفقي HBO Max. تدور أحداث الشريط في العالم الإجرامي السفلي للوس أنجليس عام 1990، ويتمحور حول شرطي شبه متقاعد (واشنطن) يتعاون مع شرطي شاب (مالك) لتعقب مشتبه به في سلسلة عمليات قتل شنيعة (ليتو).
سمح هؤلاء الممثلون الثلاثة الحائزون جوائز أوسكار للمخرج جون لي هانكوك، بنفض الغبار عن سيناريو الفيلم وتكييف الحوارات وتعديل الشخصيات مع الاحتفاظ بالحبكة التي تدور في أوائل التسعينات حين كانت الهواتف المحمولة وتقنيات فحص الحمض النووي ما زالت في مهدها.
نقلت وكالة «فرانس برس» عن واشنطن قوله: «لا يمكنك تخيل الشخصية في المرة الأولى التي تقرأ فيها النص، عليك أن تجد الشخصية. تتعرف عليه أو عليها عندما تقرأ النص، لكن هذا هو اليوم الأول من العمل».
يؤدي دنزيل واشنطن دور جو ديكون، صاحب الماضي المظلم، والمتفاني بلا حدود في عمله كشرطي، بغض النظر عن الكلفة التي تكبدها في حياته الشخصية أو الذين يدفعون معه ثمنا لعمله.
صحيح أنّ تركيبة الشخصيات قد تبدو نمطية: رجل شرطة كبير السن مصاب بخيبة أمل ومحقق شاب موهوب وطموح... لكن منذ البداية، تصوّر جون لي هانكوك هذا الفيلم على أنه ردّ مظلم ومروّع على الكليشيهات في الأفلام التي تصوّر ثنائيات الشرطة واستعادة هذا النوع عن قصد من أجل «تخريبه» بشكل أفضل.
فلا شيء واضح المعالم، من المشتبه به الغامض إلى الافتقار لأدلة قابلة للحل بدقة فيما يتصارع الرجلان مع شياطينهما في وقت يحاولان إلقاء القبض على القاتل.
وتمكّن مارك جونسون، منتج مسلسل «بريكينغ باد»، من إقناع هانكوك بإعادة النظر في سيناريو هذا الشريط، خصوصاً بعد نجاح فيلمه The Blind Side عام 2009.
في هذا الإطار، قال واشنطن للصحافيين إنه وافق على المشاركة في الفيلم لأنّ «طريقة كتابة النص كانت مختلفة».
أما رامي مالك، فشدد على أنّه «لم يكن الأمر بحاجة إلى التفكير بمجرد مشاركة دنزيل واشنطن»، كما كان سعيداً برؤية جاريد ليتو يكمل «الطاقة المتفجرة» التي ولدها الثلاثي.
من ناحيته، أوضح ليتو أنّه «ظننت في وقت ما أنني سرت في الجانب المظلم من الكون نوعاً ما في مسيرتي. وربما حان الوقت للتوقف عن ذلك». وأضاف: «لكن بعد رؤية الفرصة هنا، لم أستطع أن أقول لا».
ورغم أنّ الأحداث حصلت قبل ثلاثة عقود، يعتقد الممثلون أن الشخصيات تروي عبر نواقصها قصة عالمية. فقد لفت الأميركي من أصل مصري رامي مالك إلى أنّه «عندما يسيطر الهوس على الكثير من جوانب حياتك... ربما علّمنا هذا العام الكثير عن ذلك». وتابع: «نحن نركز بشدة على أمور معينة وضيقة الأفق حول ما يجب تحقيقه في الحياة... قد نبدأ عندها إهمال أمور أكثر أهمية».
عندما ضرب الوباء الولايات المتحدةـ كان ليتو قد ذهب إلى منتجع في الصحراء ولم يكن يدرك حجم المأساة. وعن تلك الفترة، قال: «عندما غادرت، لم يكن عدد الإصابات في الولايات المتحدة يتجاوز 150 ولم تكن لدينا هواتف ولم يكن هناك تواصل مع أحد... عندما خرجت كان هناك إغلاق وحالة الطوارئ».
وبالنسبة إلى واشنطن الروحاني بعمق، فإنّ الوباء مذكور في سفر الخروج، عندما «أرسل الله الطاعون وأرسل كل رجل وامرأة وطفل إلى خيمهم». كما أشار إلى أنّه «لقد أُعِدنا جميعاً إلى خيمتنا... عندما نخرج من الحجر، إذا لم ننتبه ونعامل إخوتنا الرجال والنساء كما نريد أن نعامَل، فسوف ندمّر جميعنا».