بحسب أهم المرجعيات التنظيرية، لا يقف الأداء التجسيدي للممثل عند تعابير وجهه أو طريقة مشيه ولا حتى حركات يديه، بل يكرّس كل ذلك بعين مدركة، تحدّق مباشرة في المشاهد وتصل إلى قلبه وهي تطفح إحساساً. هكذا، فإن أيّ مرونة لدى الممثل لا تتكئ إلى إحساس داخلي عميق، لن تستدعي الانتباه الكافي من متابعيه. ما سبق ينطبق بنسب معينة على النجم السوري الشاب فاتح سلمان، الذي انطلق للمهنة بعد إنهائه دراسة إدارة الأعمال. لذا، جرّب إلى حدود كبيرة التعويض عن الدراسة الأكاديمية. وبحسب أهم المخرجين الذين عمل معهم، فإنه يبرع في التحكم بتعابير وجهه ويقتصد فيها بدون مبالغات إضافية ويستمع بمرونة هائلة للتعليمات الإخراجية المطلوب تنفيذها، ثم يجتهد بمساحات وافية لخلق قيمة مضافة للدور. البداية كانت في مشاركات تلفزيونية متعددة، ومجموعة أعمال متلاحقة وصلت إلى ذروتها حين توّجت الجهود بلعب لأحد أدوار البطولة المطلقة في المسلسل البوليسي «كشف الأقنعة» إلى جانب النجم عابد فهد. كذلك، أدى دوراً أوّلاً في «حائرات» برفقة المخضرم رشيد عساف ومجموعة من نجوم الدراما السورية. فيما كرّس شعبيته لدى الشارع من خلال أعمال كوميدية، مثل: «أيّام الدراسة 2» و«فتت لعبت» (طلال مارديني ومصطفى البرقاوي) فيما وسّع لنفسه مكانة ثابتة في الدراما الشامية بسلسلة أعمال منها الأجزاء المتلاحقة لـ «طوق البنات» (كتابة أحمد حامد رجاء الشغري، وإخراج محمد زهير رجب) و«عطر الشام» (مروان قاووق ومحمد زهير رجب) والنسخة الجديدة من «باب الحارة» (قاووق ورجب) التي أدى فيها دور «العكيد راتب» وقد اعتذر عن عدم إكماله لهذه الشخصية في الجزء الذي سيصوّر قريباً ربما لاعتبارات لها علاقة بتهاوي العمل على الأصعدة كافة وتراجع شعبيته وتطويقه بحالة نقدية على مستوى المنابر الإعلامية، إضافة إلى السخرية الشاسعة منه على صعيد السوشال ميديا. عدا عن مكانته المختلفة التي وصل إليها من ناحية مساحة وأهمية ونوعية الدور الذي بات يؤديه، أو حتى الصدى الطيّب الذي يخلّفه خاصة بعد شراكته الوافية مع «أفاميا للإنتاج الفني» لفراس الجاجة. الرجل الذي يعتبره سلمان سنداً وشريكاً نوعياً وصديقاً يواكب خطواته في الحياة والمهنة، وقد آمن فيه وأسند إليه بطولات مختلفة، سواء في «شارع شيكاغو» (لمحمد عبد العزيز) أو «وثيقة شرف» (كتابة عثمان جحى ومؤيد النابلسي وإخراج باسم السلكا إنتاج «أفاميا» لصالح منصّة «وياّك»). في هذا الأخير تقاسم فاتح البطولة المطلقة مع ميّار خضور ولجين اسماعيل، وتمكّن من مجاراة هؤلاء بأداء مقنع إضافة إلى مشاهد «ماستر» جمعته بأحد كبار النجوم وأكثرهم احترافية في سوريا: سلّوم حدّاد. كما سبق وقاسم أيمن زيدان مشاهد مرجعية في «خريف العشّاق» (ديانا جبور وجود سعيد). حينها، قدّم أداءه أمام كاميرا صاحب «مطر حمص» واستطاع أن يخطف الانتباه، رغم صغر الدور لكن ميزة العمل كانت العناية القصوى في كتابة كل الشخصيات بما فيها الأدوار الثانوية و«ضيوف الشرف» (كما يطلق عليهم اصطلاحاً في ميدان الدراما التلفزيونية). أما آخر خطواته، فكانت أيضاً بشراكته مع «أفاميا» ومنصّة «ويّاك» في المسلسل القصير «شرف» (كتابة ديانا جبّور وإخراج مجيد الخطيب). هذا الموسم وتحضيراً لرمضان المقبل، يؤدي الممثل المعروف دور بطولة في مسلسل «الكرزون» (كتابة مروان قاووق ورنيم العودة وإخراج رشاد كوكش). شخصية سلبية مافيوية، تعمل في تجارة المقاولات كواجهة للسلوك الإجرامي الذي يشكّل قوام وجودها ومصدر قوّتها.
على طرف آخر، وإن كانت هناك وجهة نظر تصل الحالة الإنسانية بكونها لا تبتعد كثيراً عن السوية الفنية، أو أنّ الأخيرة تتأثر بالأولى بالنسبة إلى أي فنّان، وذلك بشكل شبه قطعي، فإنّه يمكن القول بثقة وثبات إنّ فاتح سلمان من الأشخاص الذي يتسم بصدقه وفروسيته مهنياً وشخصياً، وسبق أن لعب أمام أهم المخرجين السوريين، منهم جود سعيد ومحمد عبد العزيز وباسم السلكا وآخرين.