تستحق النجمة شكران مرتجى تعقّباً نقدياً هادئاً بعيداً عن منطق التعاطي الإنتاجي معها. باعتبار أنّها نموذج متفرّد، وتاريخ طويل من الإنجاز، صنعته بجهد وافٍ وأسلوب رصين، بعد تحصيل أكاديمي وبناء تراكمي على مستوى الشغل والتجريب، حتى وصلت لما هي عليه الآن. غالباً، تملك نجمة «خان الحرير» (نهاد سيريس وهيثم حقّي) الحجة المقنعة في منجزها لكي يدافع عن نفسه من دون أن تتعب صاحبته نفسها في السجالات. كما تعرف كيف تستفرد بعتبة عالية عند المتلقّي، بذريعة لعبها من الداخل بشكل يخصّها وحدها في غالبية ما تصنعه، لعلّها تبالغ في البحث عميقاً في روح الشخصية وآلية تفكيرها، أو ربما تذهب إليها بكلّ مقومات حياتها، بقناعة مطلقة بما تريد أن تقدم عليه هذه الشخصية من أفعال وردود فعل. ثم تترك نفسها تتصرف بتلقائية وعفوية، دون تجاهل الوعي المطلوب والضبط الصارم.
بعد مشوار مترف، وقفت شكران لتقول للجميع بكناية مهنيّة: تعالوا واستمتعوا وكونوا على يقين بأنّني قادرة على حمل دور البطولة المطلقة، سواء بمفردي أو بشراكة عميقة مع زميلات لا تقلّ عنهن موهبة وحضوراً. في «وردة شامية» (مروان قاووق وتامر اسحق) مثلاً، تقاسمت حرفة الأداء الملفت، وصراحة اللعب الآسر مع سلافة معمار وأشارت إلى وزنها الأدائي بجرأة فارس قادر على مواجهة جيش كامل! لكنّها لم تلق الترحيب الكافي والإشادة الواضحة، إلا من الصحافة والنقّاد وبعض زملاء المهنة، بينما ظلّت شركات الإنتاج تشيح بنظرها عنها عند التفكير بأوّل دور بطولة مطلقة! رغم أنّ برهانها بهذا العمل لم يكن يتيماً، فقد تزامن معه مثلاً «مذكرات عشيقة سابقة» (نور الشيشكلي وهشام شربتجي) يوم أطلّت بشخصية محورية ومركّبة تحتاج فعلياً إلى تأمل طويل كونها، تُظهّر جميع الوسائل التعبيرية الحسية لتلك الشخصية، وتصوّر سماتها الداخلية من خلال عينين مدركتين وفائضتين بالقول، حتى في لحظات الصمت المطبق. فساءها حظّاً حينها شرط العرض المشفّر لهذا العمل، لكن فعلياً تبقى الشواهد المهنية بالنسبة إلى الممثلة المرموقة عديدة، يسيّجها سلوك إنساني فائض بالمحبة غالباً، لدرجة أنّها لا توفّر فرصة لتقول لزملائها «مبروك» بأعلى صوتها، وعلى جميع حساباتها الرسمية والشخصية الافتراضية، عندما يسجّلون نقاطاً مضافة إلى أرصدتهم الوافرة!
عموماً، لا يملك سلوك شكران هذا إلا كلّ حقيقي وممتلئ بالثقة. هذا الموسم، تتحضّر النجمة السورية للمشاركة في سلسلة «صبايا» بجزئها السادس (كتابة محمود إدريس وإخراج فادي وفائي وإنتاج «بانة» عماد ضحيّة، وبطولتها مع: ديمة بياعة، جيني إسبر، ناظلي الرواس، نورا العايق، ميرنا شلفون، دوجانا عيسى، ندى برهوم، لين ضحية، شادي الصفدي، مصطفى المصطفى وجوان الخضر...). طبعاً، سبق لمرتجى أن كانت شريكة في هذا العمل الجماهيري بشخصية «أنسام» مستفيدة من المساحات الكوميدية المضيئة التي صنعتها في مسيرتها.
عن هذه التجربة، تقول لـ «الأخبار»: «الشخصية أتت إلى مسرح الأحداث في دمشق من ضيعة إحدى البطلات الرئيسيات للحكاية، وراحت تخلط الأوراق اليومية للصبايا بطريقة محببة». وتضيف: «تطلّ أنسام في هذا الجزء بطريقة اتفقت عليها مع فريق العمل، على أن تكون متقاطعة معي في أسلوبية الشغل وبمنطق مبرر ينأى بنفسه عن أي إقحام، وبصيغة تطمح لأن تكون منكّهة بالحيوية والرشاقة والطرافة، متكئةً في الوقت نفسه على ما حققته هذه الشخصية في الماضي من وقع لطيف».