يشكّل اقتباس لعبة فيديو في فيلم أو مسلسل تلفزيوني مهمة صعبة قد لا يُكتب لها النجاح على الدوام. غير أنّ مسلسل المغامرات التشويقي The Last of Us الذي انطلق عرضه على HBO أمس الأحد وتدور أحداثه في عالم منكوب بكارثة كبرى، يسعى لتغيير هذه الصورة.فمع أصداء جيدة لدى النقّاد وآراء إيجابية بنسبة 97% على موقع «روتن تومايتوز» للتقييمات، فإن هذا المسلسل الذي يُبث ابتداءً من الإثنين في المملكة المتحدة (عبر «سكاي» و«ناو تي في») وفرنسا («برايم فيديو»)، يبدو في موقع جيد لتحقيق أول نجاح خلال العام على منصات البث التدفقي، بعد عشر سنوات من طرح لعبة الفيديو على «بلاي ستايشن».
قصة المسلسل التي أعدّها للشاشة أحد مؤلّفي العمل نيل دروكمان، وكريغ مازن (تشيرنوبيل)، بقيت وفية لأجواء اللعبة المنتجة من استوديوات «نوتي دوغ»، وتتبع الثنائي المكوّن من جويل، وهو مهرب يعيش نكبة بسبب مأساة تعرّض لها، والمراهقة إيلي التي يتعيّن عليه حمايتها، في أمل أخير لعالم بات على طريق الزوال بسبب تفشي الفيروس وتنتشر فيه كائنات الزومبي.
تدور الحلقات التسع في أميركا منكوبة بعد كارثة كبرى وترزح تحت ديكتاتورية عسكرية. ويؤدي دور جويل الممثل بيدرو باسكال، الشرطي في مسلسل «ناركوس» والذي شارك أيضاً في «صراع العروش» و«ماندالوريان»، فيما تجسد بيلا رامسي (صراع العروش) دور إيلي.
وتواجه HBO Max، التي أعلنت للتوّ عن زيادة أسعار الاشتراكات في الولايات المتحدة (من 14,99 دولاراً إلى 15,99 دولاراً للاشتراك الشهري بدون إعلانات)، تحديات كبيرة.
ففي ظل حيرة المشاهدين بسبب الإصدارات الكثيرة التي تطرحها منصات البث التدفقي أسبوعياً، فإن المنصة «تظل بوضوح مرجعاً على صعيد المسلسلات الأصلية، لكنّ شركتها الأم، «وورنر براذرز ديسكوفري»، على مفترق طرق على صعيد الأموال التي ترغب في إنفاقها على المشاريع»، بحسب ما يقول لوكالة «فرانس برس» المحلل لدى «تي في ريف» جون كاسيلو.
وفيما اقتُبست ألعاب فيديو كثيرة إلى الشاشة الكبيرة، فإنها غالباً ما تحقق نجاحات محدودة في السينما أو التلفزيون.
وبحسب قائمة جمعها موقع «بوكس أوفيس موجو»، فإن خمسة أفلام فقط من هذا النوع تجاوزت بإيراداتها 400 مليون دولار في جميع أنحاء العالم، وأهمها «ووركرافت» (2016، 439 مليون دولار)، يحتل المركز 288 في تصنيف أهم الأفلام على الإطلاق.
فمن «لارا كروفت توم رايدر» (2001) إلى «سونيك ذي هيدهوغ» في عام 2020 (وجزئه الثاني عام 2022)، مروراً بـ «ريزيدنت إيفل»، وأخيراً سلسلة الرسوم المتحركة «أركاين» على نتفليكس المستوحاة من لعبة «ليغ أوف ليدجندز» والتي حصدت جوائز في حفل توزيع جوائز إيمي (2022)... النجاحات في هذا الإطار نادرة نوعاً ما.
ويؤكد جون كاسيلو أيضاً أنّ «ما يجعل لعبة فيديو مسلية لا يسري بالضرورة على فيلم أو مسلسل ترفيهي، والعكس صحيح»، لكنه يلفت إلى أن قصة مسلسل HBO الجديد «مستوحاة من نوع شعبي حتى خارج إطار ألعاب الفيديو، كما أن الشخصيات مقنعة في هذا العمل».
في مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز»، يوضح نيل دراكمان أنّ «أهم شيء هو الحفاظ على روحية» اللعبة، وليس بالضرورة الالتزام بتسلسلات كاملة منها.
ولا تزال مشاريع اقتباس أخرى لألعاب فيديو على الشاشة قيد التحضير، من بينها مسلسل جديد مستوحى من لعبة «سوبر ماريو» وجزء ثالث من «سونيك» إضافة إلى فيلم سينمائي مقتبس من لعبة «غران توريسمو»، أو مسلسل مقتبس من لعبة «توم رايد» على نتفليكس.