يشكّل الإقبال الجماهيري الكبير على «أفاتار: طريق المياه»، وهو تكملة لفيلم شهير من عام 2009 لجيمس كاميرون، دليلاً على أنّ «السينما عادت» بعد الجائحة، على ما يلاحظ المخرج الكندي الذي فاقت إيرادات عمله الجديد حتى الآن ملياري دولار.ويقول المخرج لوكالة «فرانس برس» في لوس أنجليس: «تبيّن لنا خلال سنة أن هذا الانتعاش لم يكن مصادفة ولا يعود إلى مجرد فيلم واحد»، مشيراً إلى عدد من الأفلام الروائية الأخرى التي ساهمت في إعادة الجمهور إلى الصالات في الولايات المتحدة عام 2022 على غرار «توب غن: مافريك» و«بلاك بانثر: واكاندا فوريفر» والجزء الجديد من سلسلة مغامرات «سبايدر مان».
ويلاحظ كاميرون خلال احتفال تكريمي له في هوليوود أنّ «الإقبال الشعبي الكبير على هذه الأفلام، وكذلك النجاح الذي حققه الجزء الجديد من «أفاتار»، هما بمثابة مؤشرات إلى «اتجاه عام»...».
ويبدو أنّ «أفاتار: طريق المياه» يسير على خطى سلفه، أي الجزء الأول، الذي حقق لدى طرحه في الصالات قبل 13 عاماً ايرادات بلغت نحو 2,9 مليار دولار، ولا يزال إلى اليوم متربعاً على عرش الايرادات في تاريخ السينما.
ولا يزال هذا الفيلم الذي تدور قصته تحت الماء والمصوّر بالتقنية الثلاثية الأبعاد، يحتفظ بصدارة شباك التذاكر في أميركا الشمالية للأسبوع الخامس على التوالي، وبات من الآن يحتل المركز السابع بين الأفلام التي حققت أعلى الإيرادات في تاريخ السينما في العالم.
ومن شأن هذا النجاح الجماهيري أن يعيد إنعاش الصناعة السينمائية ويجعلها تثق بنفسها مجدداً، بعدما برزت المخاوف على مستقبلها بفعل منافسة منصات البث التدفقي، والأثر الذي أحدثته جائحة كوفيد-19.
وأغلقت نحو 500 صالة سينما في الولايات المتحدة منذ انتشار الجائحة، بحسب «الرابطة الوطنية لأصحاب دور السينما». وتشهد مجموعة «سينيه وورلد» البريطانية، صاحبة «ريغال سينماز»، ثاني أكبر شبكة دور سينما في الولايات المتحدة، عملية إعادة هيكلة، بعدما أشهرت إفلاسها خلال الخريف الفائت.
وفي وقت تسلك هذه الصناعة درب التعافي، يعرب مخرج «تايتانيك» و«ترمينايتور» عن اقتناعه بقدرة الفن السابع على التكيف.
ويبدي كاميرون ثقته بأنّ «الأفلام لن تموت أبداً»، مضيفاً: «ثقافياً واجتماعياً، نحن بحاجة إلى أن نجد أنفسنا في هذه المساحات الواسعة، مع مئات الغرباء».
ومع ذلك، يدرك المخرج البالغ 68 عاماً، أن عادات الخروج من المنزل قد تغيرت.
إلا أنّ الجزء الثاني من «أفاتار»، حيث يضطر شعب «نافي» الذي يعيش تحت الماء في وئام تام مع كوكبه باندورا إلى مواجهة غزاة فضائيين جدد، نجح في دفع الناس للعودة إلى دور السينما بدلاً من المكوث على مقاعدهم المنزلية المريحة.
ولم تنسحب رغبة الجمهور في مشاهدة الإنتاجات الضخمة والأفلام الترفيهية، على أنواع أخرى من الأعمال، وخصوصاً سينما المؤلف أو السينما المستقلة.
ويلاحظ كاميرون وجود «نوع معين من الأفلام التي يرغب الناس في مشاهدتها في السينما، في حين أن ثمة نوعاً آخر لن يذهبوا لمشاهدته»، ويرى في هذا السياق أنّ «للبث التدفقي دوراً مهماً وغنياً جداً» في توفير التنوع في الإنتاجات السينمائية.
ورغم التقدّم التكنولوجي الكبير الذي يتميز به الفيلم والقضايا البيئية التي يثيرها كاميرون من خلاله، وهو نفسه من عشاق الغوص، انقسم حوله النقاد، وخرج خالي الوفاض من حفلة توزيع جوائز «غولدن غلوب» مساء الثلاثاء الماضي، على عكس الجزء الأول عام 2009، الذي نال جائزة «أفضل فيلم» فيما فاز كاميرون يومها بجائزة «أفضل مخرج». كذلك، لم يتم ترشيح «أفاتار 2» لجوائز «نقابة المخرجين».
ويقول المخرج الكندي: «إنّها طبيعة الفن، فمن غير الممكن إرضاء الجميع»، مشيراً إلى أن الاستعدادات بدأت للفيلمين المقبلين من السلسلة.
ويؤكد أنّ فيلمه «يتوجه إلى كل ثقافات العالم»، موضحاً أن الجزء الثاني «يقترب من أن يصبح الفيلم الأكثر مشاهدة في التاريخ في أوكرانيا»، التي غزتها روسيا كما حصل لكوكب باندورا. ويضيف: «هذا يعني أن الناس يخرجون إلى السينما عندما تتوقف الصواريخ ويعود التيار الكهربائي»، قبل أن يختم:
«إعطاء الأمل لأوكرانيا هو ما يضفي على هذا العمل أهميته، وليس المال أو المكافآت».