أحد أبرز الأصوات في الأغنية الشعبية المصرية: شريفة فاضل غادرت «حارة السقايين»

  • 0
  • ض
  • ض
أحد أبرز الأصوات في الأغنية الشعبية المصرية: شريفة فاضل غادرت «حارة السقايين»

القاهرة | غيّب الموت أمس الفنانة والمطربة شريفة فاضل (1938 - 2023)، صاحبة الصوت الذي لازم المصريين والعرب في المناسبات الدينية والوطنية والأفراح والانتصارات. يمكن وصف صوتها بأنّه «الصوت الشعبي ابن المدينة»، تهافت على التلحين لها العديد من الملحنين الذين أرادوا ضمان الوصول إلى شريحة واسعة من الجمهور. رحلة بدأتها شريفة فاضل أو فوقية محمود أحمد ندا منذ طفولتها في عشق الفن، خصوصاً أنها حفيدة أحد مؤسّسي دولة التلاوة في مصر الشيخ أحمد ندا، فكانت تعشق سماع التواشيح، وترداد أغنيات الشيخ سيد درويش. بعد انفصال والديها، تزوجت والدتها من إبراهيم الفلكي أحد أثرياء مصر في ذلك الوقت، كان يسكن في عوّامة بجوار رجل الأعمال السيد ياسين، الذي اعتاد على سماع غناء شريفة فاضل، فأعجب بصوتها وطلب من والدتها أن تشارك شريفة في فيلم «الأب» (1947 ـ من إنتاجه). دارت الأيام، وتعرفت شريفة فاضل إلى المخرج حسن الإمام، فعرض عليها بطولة فيلم «منيرة المهدية»، فوافقت واعتبرتها مناسبة تاريخية في مشوارها الفني. منذ أواخر الخمسينيات وحتى الثمانينيات، شاركت في العديد من الأفلام كممثلة ومطربة، منها: «حارة السقايين»، و«مفتش المباحث»، و«سلطانة الطرب». وفي الستينيات، اشتهرت بأغنيتها «حارة السقايين» ضمن فيلم بالعنوان نفسه. ورغم شهرتها في أغنيات وطنية ودينية، إلا أنّها حققت نجاحات كبيرة في أغنيات مثل: «أمانة يا بكرة»، و«فلاح كان فايت بيغني»، و«سألت فين حينا»، و«يا حلو فهمنا»، و«يا معجباي»، و«ورق العنب»، و«آه يالمكتوب»، و«الليل». كما تعد أغنيتها «تم البدر بدري» (تأليف الشاعر عبد الفتاح مصطفى، وألحان عبد العظيم محمد) من أروع الأغنيات الخاصة برمضان، وأذيعت للمرة الأولى عام 1957. أنتجت شريفة فاضل عدداً من أغنياتها، فضلاً عن تأسيسها كازينو «الليل» الأشهر في شارع الهرم في الجيزة. تزوجت من المخرج المصري المعروف السيد بدير عام 1949 بعدما عرض أول أفلامها «الأب» في الصالات، لكن بعدما قدمت فيلم «وداعاً يا غرامي» (1951)، طلب منها زوجها اعتزال الفن، وبالفعل وافقت على ذلك وكرست حياتها لأسرتها طوال سبع سنوات. لكنها لم تنس أنها فنانة. في عام 1958 طلبت من زوجها العودة إلى الفن، ووافق ولكن بشرط أن تعمل من وراء الميكروفون في الإذاعة بالغناء فقط، وأن تعمل في أفلام تحت رعايته وإخراجه فقط. في العام نفسه، عادت إلى السينما بفيلم «ليلة رهيبة» من إخراج زوجها. بعد عامين كانت تفاصيل الخلافات الزوجية بين شريفة فاضل وزوجها على صفحات المجلات، إذ نشرت مجلة «الكواكب» عام 1960 تقريراً عن أسباب انفصالهما: «اتصلت سيدة مجهولة بالسيد بدير وسردت له بعض الشائعات عن زوجته شريفة فاضل وبين المغني كارم محمود الذي كان يجمعهما مشاهد في أوبريت «العشرة الطيبة»». أنجبت فاضل من السيد بدير ولدين: الأول «سيد» ضابط في القوات المسلحة، استشهد في حرب الاستنزاف، وغنت له أغنيتها الشهيرة «أم البطل» بعد انتصار أكتوبر 1973، وابنها الثاني سعيد السيد بدير، وهو عالم مصري تخصص في مجال الاتصال بالأقمار الصناعية والمركبات الفضائية خارج الغلاف الجوي، وتوفي في تموز (يوليو) 1989 في الإسكندرية، في واقعة يصفها كثيرون بأنها عملية اغتيال من قبل الموساد. شاركت الراحلة في العديد من الأفلام منذ أواخر الخمسينيات وحتى الثمانينيات كممثلة ومطربة، لتقدم خلال مشوارها 17 فيلماً. لم تكتف بالتمثيل والغناء فقط، ولكنها أيضاً خاضت تجربة الإنتاج السينمائي في السبعينيات، مع فيلم «سلطانة الطرب» الذي أدّت بطولته وأخرجه حسن الإمام، فيما كانت آخر أعمالها فيلم «تل العقارب» (1985 ـ إخراج نيازي مصطفى) الذي جسدت فيه شخصية «المعلمة نوسة». الأكيد أن شريفة فاضل رحلت بجسدها. والمؤكد أن صوتها لن يغيب أبداً، فقد لازمت أغنياتها وجدان المصريين والعرب لعقود، شريكاً في الأفراح، ومواسياً في الأحزان، وعلماً في الوطنية. رحلة صوت عصية على النسيان.

0 تعليق

التعليقات