دمشق | رغم الموهبة الاستثنائية التي يتمتع بها عبد المنعم عمايري، إلا أنه يبدو أحياناً كمن فقد القدرة على التحكم بخياراته الفنية، وتحديداً التلفزيونية. هكذا خبا نجمه في الموسم الرمضاني الأخير بعد فشل مسلسله الكوميدي «صايعين ضايعين»، وعدم تحقيق مسلسل «الزعيم» المتابعة الجماهيرية المتوقّعة، فيما نجحت بعض لوحات «بقعة ضوء» التي أدّى بطولتها مع المخرج عامر فهد... مع ذلك، لا يستكين الممثل الفلسطيني السوري، بل يبحث دوماً عن الأفضل. ورغم الأزمة السياسية التي تعصف بسوريا، فضّل عمايري التقليل من ظهوره الإعلامي،

والتعبير بتصريحات مقتضبة وعامة عن حبّه للوطن حيث ولد ونشأ. هكذا، ابتعد عن الأضواء مركِّزاً على أعماله، وموزِّعاً وقته بين تركيا لإنجاز مسرحيته «فوضى» مع ممثلات تركيات، وبين تدريسه لطلاب السنة الثالثة من «المعهد العالي للفنون المسرحية» في دمشق. أضف إلى ذلك تجسيده لدورَي بطولة في فيلمين سوريين هما «العاشق» لعبد اللطيف عبد الحميد، و«صديقي الأخير» لجود سعيد.
في حديثه مع «الأخبار»، يقول عمايري إنّ التركيز على العمل هو أيضاً «نوع خاص من الوطنية ومحبة الوطن»، مضيفاً أنه يحاول «دوماً تحقيق ما أسعى إليه على المستوى الثقافي من خلال عروض مسرحية». أما سينمائياً فقد انتهى النجم من تجسيد دوره في فيلم «العاشق» الذي يلعب بطولته. ويؤدي هنا دور مخرج سينمائي يقع في عشق جارته. وهنا يكتشف أن تفاصيل من حياته الحقيقية تظهر في الشريط الذي صوّره... ووسط هذه الحالة النفسية التي يعيشها، يقرّر خطف عشيقته والهروب إلى عالم خاص يشبه لحظات السينما التي يصنعها. وعن تعاونه مع المخرج المخضرم عبد اللطيف عبد الحميد في هذا الفيلم، يقول: «الميزة في العمل أنه يكتنز كل اللحظات المفقودة من هذا الزمن، وهذه هي اللمسة الخاصة التي تميّز عبد اللطيف عبد الحميد من خلال تكثيفه واختصاره لحالة الرومانسية التي نَحِنُّ ونشتاق إليها في أيامنا». وإلى جانب «العاشق»، يلعب عمايري دور طبيب في فيلم «صديقي الأخير» مع المخرج الشاب جود سعيد. في هذا الشريط، يجسد صاحب «سيليكون» دور طبيب تدخل زوجته في غيبوبة وموت سريري، ويجد نفسه أمام قرار صعب بإبقاء وضعها على حاله أو نزع جهاز الأوكسيجين وإراحتها من عذاباها. وعندما يتّخذ قراراً بنزع الآلات، تموت الزوجة، وينتحر هو مطلقاً رصاصة على نفسه.
عند الحديث عن مشوار عمايري، لا بدّ من التوقّف عند تجربته المسرحية التي انطلقت بداية الألفية الثالثة. وقتها أطلّ على الجمهور من خلال نصّ كتبه بنفسه بالعامية تحت عنوان «صدى» لعب بطولته النجم غسان مسعود. الحضور الجماهيري الاستثنائي، والجوائز المسرحية العالمية المتعددة التي حققها العرض صنفا عمايري بوصفه أحد المخرجين الشباب الذين يحاولون النهوض بالمسرح السوري بعد كبوته التي طال أمدها.
ومع النجاح الاستثنائي لتجربته الأولى، تابع عمايري مشروعه المسرحي، فقدّم عرضه الثاني «فوضى»، فإذا به يتحول إلى ما يشبه الحالة المسرحية الشبابية الجديدة. لكن رغم الاندفاع والجهد، لم يستمرّ التعاون بينه وبين مديرية المسارح بسبب ظروف العمل المتردية والبيروقراطية التي تغرق فيها هذه الجهة الحكومية المختصة بالأعمال المسرحية. ومع ذلك، أنجز عمايري عرضاً جديداً بعنوان «تكتيك» اعتمد فيه أسلوب المسرح التونسي مستفيداً من علاقته مع كبار المسرحيين التونسيين أمثال الفاضل الجعايبي، وعز الدين قنون. ثم منحه «المعهد العالي للفنون المسرحية» فرصة جديدة، عندما كلّفه الإشراف على تخرّج طلاب السنة الرابعة قسم التمثيل. يومها وضع عمايري بين أيدي هؤلاء الشباب فكرة عمل فني بعنوان «سيليكون» (صاحبة الفكرة زوجته النجمة أمل عرفة)، فكان مادة أولية بنى عليها الطلاب لصياغة النص النهائي، وبناء الشخصيات. والمفاجأة أنّ العرض كان بعيداً ومختلفاً تماماً عن مجمل مشاريع التخرج السابقة التي كانت تعتمد بنحو أساسي على الحدود التي يضعها النص المسرحي.
أما آخر تجارب عمايري المسرحية فحققها منذ أيام مع طلاب السنة الثالثة في قسم التمثيل في المعهد العالي، عندما عمل مجدداً على فكرة الارتجال المسرحي، لكن انطلاقاً من مشاهد اختارها مع الطلاب، من نصوص عالمية مختلفة.
باختصار، يمكن القول إن عمايري يعرف كيف يكفّر عن ذنوبه عندما يقدّم أعمالاً تلفزيونية لا ترقى إلى المستوى المطلوب، فيلجأ إلى مشاريع مسرحية وسينمائية تعيده إلى الواجهة كأحد أهم المخرجين والممثلين السوريين المجتهدين.



جات سليمة

تلقّى عبد المنعم عمايري منذ أيام دعوة من المخرج اللبناني محمود حجيج لإجراء تجربة أداء في فيلم جديد يعمل على إنجازه. وبالفعل، لبّى النجم الدعوة، وانتهى من أداء الاختبار. لكن القدر خبأ له مفاجأة غير محسوبة وغير سارّة خلال رحلة عودته إلى سوريا. بينما كان يقود سيارته الخاصة، تعرّض لحادث سير مروّع نجا منه بأعجوبة. واقتصرت أضرار الحادث على بعض الرضوض التي أصابته إضافة إلى تهشّم سيارته كلياً.