دمشق | مرت الدراما السورية في مأزق خطر خلال الموسم الفائت عندما أغفلت معظم الأعمال الظروف العصيبة التي تشهدها دمشق وقدمت المدينة بصورتها الحقيقية، لكن قبل الأزمة. مع ذلك، سوّقت تلك الأعمال وحققت نسبة مقبولة من المشاهدة. هكذا، أسدل الستار على عام عصيب، لكن ليس الأخطر على الإطلاق. الصناعة السورية الأكثر رواجاً، تقف اليوم على شفير الهاوية، وربما يودع نجومها فعلياً زمنهم الذهبي، وتتهاوى صناعتهم بعدما بدأت بالتراجع لأنّ الأزمة وضعتها على المحك، وراحت تتغرّب وتصاب بحالة فصام عن الواقع.
حتى إنّ بعض المسلسلات صوّرت في دول عربية أخرى وهي الموضة التي يتوقع أن تكون الرائجة في الموسم المقبل إذا بقيت الظروف الأمنية متردية. لكن مع ذلك، هناك من يقف بمنتهى الثبات ويعد بالاستمرار من قلب عاصمة الأمويين حتى لو اضطر إلى بناء مدن إنتاج خاصة بأعماله والتصوير بعيداً عن دويّ الانفجارات وأزيز الرصاص. والحديث هنا عن «شركة سوريا الدولية» المملوكة للنائب ورجل الأعمال السوري محمد حمشو. أعلنت الشركة في تصريح لـ«الأخبار» أنّ فريقها الفني بلغ المرحلة الأخيرة من التحضيرات لتصوير مسلسلها الشامي «ياسمين عتيق» الذي كتب نصه رضوان شبلي ويخرجه المثنى صبح. هذا الأخير حقق مسلسله «رفة عين» متابعة جماهيرية لافتة لدى الجمهور السوري، بينما اختار أن ينتقل بخياره هذا العام إلى مكان آخر ليقدم أول عمل بيئة شامية له بعدما صارت الدراما الشامية موضة العصر إثر نجاح بعضها وتحقيقه جماهيرية وتحوّله في وقت ما إلى سلاح نافذ في وجه المقاطعة. هكذا، يعكف صبح حالياً على اختيار ممثليه، على أن يباشر التصوير قريباً. والمسلسل بحسب ملخّصه يتطرق إلى مرحلة مهمة وثرية من تاريخ سوريا عامة، وخصوصاً تاريخ عاصمة الأمويين في ثلاثينيات القرن التاسع عشر. تبدأ الحكاية من حكم الوالي رؤوف باشا على دمشق، مروراً بحكم علي وسليم باشا، وصولاً إلى حملة إبراهيم باشا والازدهار الذي سيحل بالبلاد لاحقاً. وكل ذلك يتم سرده ضمن أجواء البيئة الشامية المحببة وعبر حواراتها الحية، فيما يتطرق العمل إلى حوار الأديان عبر شخصيتين: جورية المسلمة وزمرد المسيحية ستجمعهما الأقدار في صدفة غريبة، وتسوقهما الأحداث المشوّقة في رحلة طويلة مليئة بالمغامرات المثيرة، تحتضنها الأحياء الدمشقية بين الجامع المعلق وكنيسة باب توما الأثرية، من دون أن يغفل المسلسل الشامي التعريج على قصص الحب الرومنسيّة الممزوجة بنزاعات ومعارك حامية الوطيس. وغالباً سيستعرض شخصيات تمثل النخوة والشهامة العربية في صراع أزلي بين الخير والشر. وإن كان من المبكر الحكم على هذا العمل، إلا أنّ تكرار المسلسلات الشامية من هذا النمط جعل المشاهد يصاب بحالة من الملل والإعراض عن متابعتها بالحماسة نفسها التي تابع فيها أعمالاً مشابهة. من جانب آخر، يأتي إعلان «سوريا الدولية» عن أول عمل سوري سيبصر النور في رمضان 2013 بعد تعرضها الموسم الماضي لحملة مقاطعة بسبب إدراج اسم محمد حمشو على لائحة العقوبات الدولية والعربية. طبعاً، يحسب للشركة مغامرتها في هذه الظروف التي تنذر العاملين في الدراما السورية بمواسم من البطالة. لكن في واقع الأمر، فإنّ أي مخرج لن يتمكن من تشغيل كاميراته في هذه الظروف، إلا في استديوهات مغلقة وبعيدة عن التوتر أو باللجوء إلى المحافظات التي لم تشهد اشتباكات حامية أو أنه سيضطر إلى افتعال شرط فني لحكايته يمكّنه من السفر خارج حدود البلاد لتختبئ المسلسلات السورية وراء ديكوارات لا تشبه واقعها. ومن ضمن الأعمال التي صار البدء فيها وشيكاً أيضاً «رابعة العدوية» لعثمان جحا وزهير قنوع الذي تنتجه وتلعب بطولته نسرين طافش. وغالباً فإنها ستستأنف تصويره قريباً في مصر، إضافة إلى عودة الحديث عن جزء سادس من «باب الحارة» (الأخبار 24/11/2011). ويروّج أنّ المسلسل الجماهيري سيصوّر في استديوهات خاصة في دبي إذا ما تمت الصفقة بين mbc و«ميسلون للإنتاج الفني» (بسام الملا)، علماً بأنّ مهندس الديكور حاول العام الماضي بناء الديكور في دبي، لكن عندما اكتشف الكلفة العالية التي يتطلّبها المشروع، امتنع القائمون على المسلسل عن ذلك.
إضافة إلى ذلك، يفكّر المخرج عامر فهد في إنجاز جزء جديد من «بقعة ضوء» بعدما حصد الجزء التاسع قبولاً جماهيراً ونقدياً، على أن تشكّل المواضيع التي سيتناولها نقلة نوعية في الجرأة وملامسة الواقع السوري الجديد بطريقة نقدية ساخرة... إذاً الدراما السورية تتلمس بداية الطريق لموسم جديد عساها تحاول أن تنسج صورة مشرقة لبلد دخل نفقاً مظلماً طويلاً لا يدري أحد متى يلمح النور في نهايته.



«كلاكيت» تتحدى الأتراك

بعدما غزت المسلسلات التركية سوق الفضاء العربي وحقّقت دبلجتها بأصوات السوريين متابعة عالية، قرّر بعض صناع الدراما السورية مجاراة هذه الدراما عبر أعمال تتفوق عليها من حيث جودة الصورة، حتى لو ظهرت هذه الأعمال غريبة عن مجتمعاتنا العربية واعتمدت قصص حب سطحية وصراعات رجال الأعمال... وبعدما قدمت «كلاكيت» مسلسل «بنات العيلة» على الطريقة التركية أو المكسيكية، تعد الشركة ذاتها بأن تنجز عملين تحطم فيهما أسطورة الدراما التركية من حيث مستوى المتابعة، على أن يكون العملان جاهزين للعرض في رمضان المقبل، علماً بأنّ «كلاكيت» تتعاون مع محطين خليجيتين هامتين هما «أبو ظبي» وmbc.