منذ اليوم الأول للاحتجاحات، تمسكت المحطات السورية بنظرية المؤامرة وابتعدت عن الحديث عن مطالب مشروعة. وعلى شاشة هذه التلفزيونات، أطلّ أشخاص ألصقوا تهمة التخوين بحق الذين يخالفونهم الرأي! ولم يتوقف الأمر عند الإعلام الرسمي، بل وصل إلى بعض المؤسسات الثقافية التابعة للدولة. إذ تناقل الوسط «بيان سينمائيي الداخل السوري» الذي طلب إلى عدد من المخرجين والفنانين التوقيع عليه، فانصاع عدد منهم، وبالأخص موظّفو «مؤسسة السينما» في دمشق.جاء البيان رداً على النداء الذي وجّهه سينمائيون سوريون بارزون إلى نظرائهم في العالم، داعين إياهم الى مشاركتهم في المطالبة بكفّ يد القمع عن المواطنين. ووقّع عليه يومها حوالى 700 سينمائي سوري وعربي وأجنبي، أمثال الفرنسي جان لوك غودار والإيراني محسن مخملباف، والممثلة جولييت بينوش (راجع «الأخبار» عدد 3/5/2011).
«بيان سينمائيي الداخل السوري» جاء كردّ فعل على نداء السينمائيين السوريين، وقد وقّع عليه عدد كبير من الفنانين والمخرجين، منهم: عبد اللطيف عبد الحميد، سمير ذكرى، ريمون بطرس، جود سعيد، دريد لحام، منى واصف، جمال سليمان، بسام كوسا، أيمن زيدان وسلاف فواخرجي. (منى واصف من الموقّعين أيضاً على بيان التضامن مع أطفال درعا الشهير!). الخطير في البيان الجديد أنّه فتح النار على موقّعي البيان الأوّل بتهمة إشراك إسرائيليين معهم، مضيفاً إنّ «توجيه بعض السينمائيين السوريين نداء إلى الخارج أمر مرفوض ومستنكر (...) والتظاهر السلمي لأجل الإصلاح لا يكون بالتلطي بالمساجد وانتهاك حرمتها (...) ونعم للإصلاحات ومطالب الشعب المحقّة (...) ولا لحملة السلاح ومثيري الفتن». كذلك أيد البيان المشروع الإصلاحي الذي يقوده الرئيس بشار الأسد والوحدة الوطنية التي يتمتع بها المجتمع السوري.
وبغض النظر عن أنّ معظم الموقّعين هم من نجوم التلفزيون، باستثناء بعض المخرجين، بدا مستغرباً التسمية التي أطلقت على البيان وكرّست الانقسام في المشهد الثقافي السوري، بل لعلها المرة الأولى في تاريخ سوريا الحديث التي يحمل فيها بيان عنوان «بيان سينمائيي الداخل السوري»، ما يوحي بأنّ هناك مخرجين «مندسّين» ينتمون إلى خارج الوطن، علماً بأنّ من وقّع على النداء الأول هم من السينمائيين السوريين والمقيمين في بلدهم، والمشهود لهم بتاريخ سينمائي حافل، وبمواقف وطنية انعكست في أفلامهم وأعمالهم الفنية، أمثال نبيل المالح، ومحمد ملص، وأسامة محمد.
مع ذلك، فإنّ توقيع إسرائيليين على نداء معنيّ بالشأن السوري يمثّل فضيحة خطيرة لا يمكن السكوت عنها. هذه النقطة أوضحها محمد ملص لـ«الأخبار»: «نرفض أن نكون في موقع اتهام بسبب النداء المشرّف الذي وقّعناه. لكن مسألة توقيع إسرائيليين تستحقّ التوضيح لخطورتها. الحقيقة أنّ البيان حمل توقيع حوالى 720 اسماً من أنحاء العالم، ولم يضمّ أي اسم إسرائيلي. لكن بعد نشره على «فايسبوك»، اختلطت الأمور، فلا يمكن منع أحد من التوقيع عليه».
وعن البيان المضاد الذي أشار إليه وإلى زملائه بإصبع التخوين، أضاف ملص: «هذه محاولة للصيد في الماء العكر، ومحاولة تقسيم السينمائيين السوريين إلى سينمائي داخل وخارج، رغم أن كل من وقّعوا على النداء الأول هم من سينمائيّي الوطن، وأعمالهم تحكي عن موقفهم المعادي لإسرائيل والمؤيّد للقضية الفلسطينية. ليس هناك تقسيم بين داخل وخارج. كلنا أبناء هذا الوطن، وإذا أرادوا التأكد من مواقفنا فليعودوا إلى أفلامنا وليشاهدوا مثلاً فيلم «نابالم» لنبيل المالح».
من الواضح أنّ الوسط الفني والثقافي السوري لم يفلت من سياسة التفريق والانقسام، وهي سلاح فعّال في هذه الأيّام العصيبة التي تجتازها سوريا الباحثة عن الحريّة والاستقرار والوحدة والأمل.
نصّ البيان كاملاً ولائحة الموقّعين
15 تعليق
التعليقات
-
ليش؟على صفحة فيسبوك تبع "الخارجيين" بحسب "سينمائيي الداخل" مكتوب التصريح التالي: "إذ ينحازون إلى المدنيين العزل اليوم، يؤكد السوريون الموقعون على هذا النداء أن حرية سورية لا تنفصل عن حرية الجولان المحتل وأنهم يرفضون استخدام ندائهم هذا لتمرير أية رسائل تطبيعية، مقصودة أوغير مقصودة، طالما مازالت أراض عربية تحت الاحتلال. ويؤكدون على إيمانهم بأن الفن السابع لغة دولية إنسانية وراقية، تقف معهم، ومع الحرية، في وجه الفصل السابع، وفي وجه أي تدخل من قوى لا تشترك مع الشعب في كل أحلامه." ومكتوب أنهم غير مسؤولين عن أية صفحة أخرى... بالعربي وبالانكليزي... ومافي ولا اسم اسرائيلي... شو القصة؟ في حدا عم يصيد بالماء العكر فعلاً متل ما قال مخرج فيلم "الليل" بهالمقالة... ليتحجج ليش موقفه انتهازي فقط لا غير. ونص بيان "الداخل" لا يبدو فيه أي موهبة بالمناسبة... نحن نعرف انو في بين الأسماء الموقعة ناس فيها تكتب بيان أحسن من هيك... ليش ما هنن اللي كتبوا بيانن؟؟ مو حلوة بحؤن يعني.
-
قبل أن تتحدّث عن العيب...قبل أن تتحدّث عن العيب يا سيّد مجهول، إسأل نفسك - ولا أظنّك مواطناً سوريّاً - في أيّ دولة عربيّة غير سوريا تنهي دراستك الجامعيّة من دون أن يتكبّد أهلك عناء الاستدانة وبيع أثاث البيت لدفع أقساطك.. وأخبر القرّاء الأعزّاء: في أيّ دولة غير سورية يمكن للمواطن الفقير أن يدخل المشفى من دون وساطة وتقبيل أيادي المسؤولين ويعالج مجّاناً؟ وياليتك - بالمرّة - توضح لنا: في أيّ بلد عربي غير سورية تحصل على وقود التّدفئة في الشّتاء هديّة من الدّولة من دون أن تدقّ على الأبواب كامتسوّلين؟ العيب يا مواطن يامحترم هو أن لاتكون سوريّاً وتدّعي بما لاتعرفه.. والعيب هو أن تكون سوريّاً وتعرف أنّك تعيش - في دولة ممانعة تعاني من كلّ الضّغوط الّتي تعانيها سورية - وتطالب بالإصلاح بالأسلوب الّذي يعطي الخارج فرصة التّدخّل وإضعاف البلد. في النّتيجة فإنّي لست ضدّ الإصلاح كما تريد حضرتك أن تصوّر .. لكنّني ضدّ الغباء.. الغباء الّذي لايشبه في نتائجه إلاّ الخيانة عن غير قصد!! فلا تجعل نفسك في موقف من نقول له: ثور.. فيقول: احلبوه!!
-
أفيقوا إذا كنتم ترفضون التّخوين!!إذا كان الفنّانون السّوريّون الّذين قرّروا أن يُخرجوا مشاكل بلدهم إلى الخارج، ويسلّموا عنق الوطن إلى المقصلة الأمريكيّة يرفضون التّخوين، فلماذا يسيئون بهذا الشّكل الفاضح إلى بلدهم؟ هل هم بهذا الغباء بحيث لا يعرفون أنّ إسرائيل أوّل من ينتظر هكذا مناسبات لتنتقم من دور سوريا الدّاعم للمقاومة ولقضيّة فلسطين؟ ألا يستحقّ الأمر وقفة تأمّل قبل أن يصلوا إلى وقت لاينفع فيه النّدم؟ أم يريدون تطبيق مثل: الدّبّ الّذي قتل صاحبه؟! لاسمح الله..
-
نهتم بالقشور دومايبدو أننا نحاول أن نقرأ فقط العنوان ولانهتم بالتفاصيل وهذه مشكلتنا دوما لقد أوضح المخرج محمد ملص أن البيان بعد أن وضع على صفحة الفيس بوك وقع عليه ربما مخرجين اسائيليين ولكن لماذا نلغي المبادرة الانسانية هذه التي خرجت عن مواطنين سوريين قبل أن يكونوا مخرجين أو مثقفين لماذ نلغي تاريخهم الذي حمل أعمالا مميزة تحاكي الضمير العربي خاصةفيما يتعلق باسرائيل لماذا نلغي هؤلاء الذين على الأقل لم يغيروا جلدتهم ويتناقضوا مع ماقدموا سابقا ك دريد لحام الذي سقط عنه القناع هو وأمثاله كفانا نلوح بشعارات كان الأجدر أن يحملها فقط من يطبقها ولا يجعل منها بطاقات مرور لكل مرحلة زمنية والعنوان ما تقتضيه المصلحة وليس الصالح العام
-
اسرائيليين !!!!!!!الحمد لله رب العالمين انك اعترفت و هم اعترفو بلسانهم ان بيان المعارضين وقع عليه اجانب بينهم اسرائيليون !!!! ساترك التعليق للقراء و لجريدة الاخبار المناهضة للتطبيع و خصوصا للعزيز سماح ادريس !!!
-
موقفي تغير من الكاتب بعدموقفي تغير من الكاتب بعد مواقفه بخصوص ما يحصل في سوريا وهو الآن يستأهل التقدير، فتابع فضح الإعلام السوري والفنانين المذعورين.