منذ 2006، تأخذ «متروبوليس أمبير صوفيل» على عاتقها جلب «أسبوع النقاد» من الكروازيت إلى الأشرفيّة، بعد بضعة أشهر من انتهاء عروضه في «مهرجان كان السينمائي». إنّه أقدم الأقسام الموازية للمسابقة الرسميّة. تنظّمه جمعية نقاد السينما الفرنسيّة منذ 1962 (تضمّ حالياً أكثر من 244 ناقداً وكاتباً وصحافياً) للتعريف بالأعمال الأولى والثانية لمخرجين من أصقاع العالم، فاتحةً أمامهم المشهد الدولي والأسواق الواعدة. لا ننسَ أنّ مكرّسين من أمثال وونغ كار واي، وكين لوتش، وجيف نيكولز، وليو كاراكاس، وريبيكا زلوتسكي، وغاسبار نوي، وجاك أوديار، وآرنو دبلشان، وفرانسوا أوزون... أقلعوا من هنا. كذلك، لدينا هاني أبو أسعد، وتوفيق أبو وائل، ومرزاق علواش على الصعيد العربي. مع اتسامها بمستوى عالٍ من الصدقية والانتقائيّة، اكتسبت هذه التظاهرة أهميّة متزايدة على مدى أكثر من نصف قرن. باتت لها جوائز مستقلّة عن التتويجات الرئيسة: جائزة كبرى للفيلم الطويل، وجائزتان للقصير، وجائزة لممثّل صاعد، وأخرى للتوزيع، وأخرى للسيناريو من «جمعية الكتّاب والموسيقيّين الدراميّين SACD»، إضافةً إلى فرصة الشريط الأوّل لصانعه في المنافسة على «الكاميرا الذهبيّة»، أسوةً بباقي الأقسام الرسميّة. ما بين 23 تموز (يوليو) و2 آب (أغسطس)، نترقّب عرض 10 أفلام طويلة، و13 قصيرة، بدعوة من «جمعية متروبوليس» و«المعهد الفرنسي في لبنان». يواكيم ترير ترأس لجنة التحكيم هذه السنة. السينمائي النرويجي (1974) ليس غريباً عن المحفل الفرنسي. شريطه «أوسلو، 31 آب» (2011) نافس ضمن قسم «نظرة ما». باكورته باللغة الإنكليزيّة «أعلى صوتاً من القنابل» (2015) سابق على السعفة. تنظيميّاً، كان عضو لجنة تحكيم مسابقة الأفلام القصيرة وأفلام الطلبة «سينيفودانسيون» في دورة 2014. كالمعتاد، ثمّة سبعة من العناوين الطويلة في المنافسة. تقودها أربع سينمائيّات للمرة الأولى منذ عقد كامل، ربّما للتعويض عن قلّة المخرجات في المسابقات الرسميّة. Fuga للبولنديّة أغنيشكا سموجنسكا، و«كريس السويسري» للسويسريّة آنيا كوفميل، و«سيّدي» للهنديّة روهينا جيرا، و«يوم واحد» للهنغاريّة صوفيا سيلاغي.
* «أسبوع النقاد»: بدءاً من اليوم حتى 2 آب (أغسطس) ــــ «متروبوليس أمبير صوفيل» (الأشرفية ـ بيروت) ـ للاستعلام: 01/204080 ــ كل العروض تقام عند الثامنة ليلاً.


«صراعاتنا». غيوم سينيز
اليوم



الافتتاح بجديد البلجيكي الفرنسي (1978)، العائد بدراما عائليّة عن الكفاح من أجل الأسرة. أفراد عاديّون في أزمات مألوفة، تتراكم لتفضي إلى تحوّلات مدمّرة. على «أوليفر» التعامل مع واقع جديد، إثر هجر زوجته «لورا»، تاركةً طفلين في عهدته. يزداد الحال سوءاً مع ضغوط الحياة، وانتحار أحد أصدقائه في العمل. يصير النهار عبارةً عن سلسلة من الصراعات المتتالية، في سبيل التوازن والاستقرار. شريط رقيق (98 د.)، يراوح بين الأخوين داردين وستيفان بريزيه وروبرت بنتون. سينيز يقترح تنويعاً على فيلمه القصير UHT (2012)، عن أسرة ريفيّة تكدّ في الزراعة. كذلك، يحقق قفزة نحو النضج في الاشتباك العائليّ بعد Keeper (2015)، عن مراهقين يريدان الحفاظ على طفلهما، في مواجهة وصاية أسريّة، وحسابات مجتمع. مع اعتياده الحضور في مهرجانات كبيرة مثل لوكارنو وتورونتو، يقفز سينيز إلى الصفّ الأوّل في «أسبوع النقاد». يصير مرشحاً للمنافسات الرسميّة في العناوين القادمة.


«شهرزاد». جان - برنار مارلين
25/7



باكورة السينمائي الفرنسي في الروائي الطويل. يلقي بنا في أزقة مارسيليا وعالمها السفلي. ثمّة عقد اجتماعي بسيط: الشبّان يوزّعون المخدّرات، والفتيات يعملن في الدعارة. ماذا يحصل عندما يشتعل الغرام بين «زاك» الخارج من سجن الأحداث، و«شهرزاد» التي تبيع خدماتها في الشارع؟ يقترح مارلين قصّة حب ونضج ودراسة سوسيولوجيّة في آن (106 د.). يفتتح بتوليف لافت باللونين عن وصول مهاجرين أفارقة، قبل الانتقال إلى أحفادهم بالألوان. كأنّنا أمام تتمّة لشريطه القصير «الفرار» (2013) والوثائقي «شيء عنيف» (2014)، اللذين لا يغادران هواجس المراهقين. عمل متقن الصنعة والكتابة، خصوصاً في نصفه الثاني، الذي يشهد توهّجاً في الأداء والمعالجة.




«حيوانات بريّة». بول دانو
27/7



لا غريب أن يصل هذا الفيلم من «صندانس» بسمعة طيبة. ذلك أنّ كمّ النضج والتمكّن الذي يظهره بول دانو (1984) في باكورته مدهش حق. يبدو أنّه مخرج بالفطرة نفسها التي توهّج بها ممثّلاً، أمام عدسة كل من بول توماس أندرسون، وآنغ لي، وديني فلينوف، وباولو سورنتينو... يقتبس رواية ريتشارد فورد، بالشراكة مع زوي كازان. نحن في بلدة صغيرة عام 1960. زوجان تقليديان يلعبهما جايك جلينهال وكاري موليغان. هوس حقبة الخمسينيات ما زال مسيطراً. الزوج كحوليّ، متقلّب المزاج والعمل. هي يجب أن تتصرّف كربّة منزل حريصة على أسرتها. كلّه نراه من وجهة نظر المراهق ذي الـ 14 عاماً. ينضم الأب إلى فرق مكافحة الحرائق في الجبال، فتعمل الأم مدربة سباحة. يحصل المتوقع. يدخل رجل إلى حياتها. يتداعى الزواج أمام عيني الفتى. جمال «حيوانات بريّة» (94 د.) في القبض على الهدوء المنذر بالخراب. الأداء الخلّاب، خصوصاً من موليغان، التي لم تظهر بهذا الإبهار منذ «عار» (2011) ستيف مكوين، و«داخل لوين دافيس» (2013) للأخوين كوين. حنكة دانو في التعامل مع مراهق شبيه بشخوصه المفضّلة. براعته في التصدّي لعمل ثقيل درامياً، وهو في هذه السن.




«ديامانتينو». غابريال أبرانتس ودانيال شميدت
24/7



الشريط الفائز بجائزة القسم الكبرى (92 د.)، يدشّن تتويجاً للتعاون المستمر بين أبرانتس وشميدت. باكورة الروائي الطويل للاثنين، إثر سلسلة من الأفلام القصيرة والمتوسطة. يفقد لاعب كرة القدم الأسطوري «ديامانتينو» لمسته السحريّة في الملاعب، بسبب إصابة في الركبة. تنتهي مسيرته بإهدار ضربة جزاء في نهائي كأس العالم. «الأيقونة» مهووس بالكمال. يبحث عن التحقق مجدّداً. يدخل في رحلة من الجد والهزل والفانتازيا والخيال العلمي والسخريّة اللاذعة. يمرّ على أزمة اللاجئين. صعود اليمين والفاشية الجديدة. تجارة الأعضاء. أزمة الاتحاد الأوروبي. وصول ترامب المفاجئ إلى الحكم. هل الرجل أنا أخرى لكريستيانو رونالدو؟ هذا الفيلم مباغت في تفرّده وجنونه. سيناريو أوريجينال. لافت في اقتراحه البصري المازج بين البدائيّة والإبهار ولقطات الـ 16 ملم. تجربة حسيّة لا تفوّت.




«امرأة في حرب» ـــ بنيدكت إرلنغسون
26/7



بعد باكورته المدهشة ذكاءً وطرافةً «عن الخيل والرجال» (2013)، يحلّق الآيسلندي بنيدكت إرلنغسون (1969) إلى سماء أعلى. يقترح في جديده (101 د.) سلّة متكاملة من الابتكار المبهج. كوميديا لا تشبه سوى نفسها. ميوزكال باعث على الابتسامة. دراما توعوية حول الطبيعة في مواجهة التلوّث. يبقى بيندكت في الريف الآيسلندي. يتناول امرأة تعتاش على المبادئ ونصرة البيئة، في حرب «روبن هوديّة» ضدّ مصنع ألمنيوم محليّ. ينقلب عالمها لدى قبول طلبها تبنّي طفلة، بالتزامن مع دخول الصينيّين على خطّ الاستثمار وتوسيع الصناعة في المنطقة. بذكاء، يحوّل الشريط ملل المبادئ المجرّدة إلى حياة من الألوان والبهجة والغناء. يبني على ظرف كين لوتش. يستعير شيئاً من باروكيّة كوستوريتسا وموسيقيّته.




«كريس السويسري» . آنيا كوفميل
29/7



تحقيق استقصائي. أنيماشن بالأبيض والأسود. سيرة شخصيّة. في 90 دقيقة، تجمع كوفميل بين الأساليب لتحقيق هذا الوثائقي الحميمي. بعد أكثر من 20 سنة على مقتل الصحافي السويسري كريستيان فورتنبرغ (27 عاماً) في حرب يوغسلافيا، تقرّر آنيا وضع الماضي الشائك على الطاولة. وصول مذكّراته الشخصيّة وبعض متعلّقاته يحفّزها على اللحاق بأحد المؤثّرين في خياراتها. لقد أرادت أن تكون مثله في يوم ما. لن يكون انخراط «كريس» في لواء مرتزقة الصدمة الوحيدة أثناء البحث. مستويات تقود إلى أخرى. أسئلة تفرض نفسها: ما الذي يدفع شاباً من أسرة متوسطة وبلد مسالم إلى خوض هذا الغمار الوحشي؟ ما ردّ الفعل الذي يحاول تصديره؟ من هذا المنظور، يكتسب عمل آنيا أهميّته. أيضاً، الجودة الفنيّة التي يقترحها في المعالجة.




Fuga . أغنيشكا سموجنسكا
30/7




بعد جرأتها في باكورتها الطويلة The Lure (2015)، عن عمل حوريّتي بحر في كاباريه، تغوص السينمائيّة البولنديّة (1978) أكثر في تناقضات البشر. تقدّم دراما نفسية قائمة على القلق والهستيريا والتويست الصادم (100 د.). تحقق انعطافاً حادّاً في الطرح والأسلوب عن شريطها الأوّل ذائع الصيت. بهذا، لا تقلّ جرأةً وقدرةً على التحدّي والمغامرة. ربّة عائلة ترجع إلى زوجها وابنها بعد عامين من فقدان الذاكرة. ليست عودةً سعيدةً كما المعتاد، بل إنّها المقبض الذي يفتح باب الجحيم والعواصف. ميلو – سايكو دراما تطرح الكثير عن الهويّة والكينونة والاختيار، ضمن نفس نسوي واضح. حمولة غنيّة مكثّفة، تعزّزها رفعة أداء بطلتها غابرييلا موسكالا.




«يوم واحد». صوفيا سيلاغي
31/7



36 ساعة من عمر زواج على حافّة الانفجار. هذا ما ترصده صوفيا سيلاغي (1978) بالمشاعر والتفاصيل في هذه الدراما العائليّة (99 د.) الحائزة جائزة «فيبرسكي». لا جديد أو فرادة في الطرح المأخوذ من وجهة نظر الزوجة. هي محتقنة، على وشك الانهيار. تشكّ في زوجها. لاهثة خلف أطفالها الثلاثة طوال اليوم. غير أنّ مساعدة إلديكو أنييدي في «عن الجسد والروح» (2017)، المرشّح لأوسكار أفضل فيلم أجنبي، لا تفتقر إلى الحنكة والحساسيّة بالتأكيد. نعم، يمكن المرء أن يشعر بالاغتراب ضمن عائلته، وداخل غرفته، وأمام مرآته. إشارة أخرى مثيرة للاهتمام. «يوم واحد» من أوائل الأفلام المدعومة من الصندوق الوطني للسينما في هنغاريا (تأسّس عام 2015 لدعم المواهب الشابّة)، وينجح في بلوغ محفل رفيع المستوى مثل «كان».




Guy . ألكس لوتز
1/8



عندما تحوّل من التمثيل إلى الإخراج، لم يخرج ألكس لوتز (1978) عن الكوميديا التي خبرها ممثّلا منذ 1994. سجّل بدايةً في «موهبة صديقي» (2015)، ثمّ أتبعها بهذا الشريط (101 د.). صحافي شاب يعلم من أمّه أنّه الابن غير الشرعي للمغنّي الشهير غاي جامي، الذي ذاع صيته منذ الستينيات حتى مطلع التسعينيات. هذا الأخير يستعد للعودة إلى الساحة، والقيام بجولة فنيّة. يقرّر الابن «الجديد» مرافقته، وصنع وثائقي عنه. بمزيج من النوستالجيا والعاطفة الملتبسة، يسأل لوتز عن الهويّة، والذات، والمعنى الآخر للإنجاز والتحقق.




«سيّدي» . روهينا جيرا
2/8



بعيداً عن الكيتش، تنقل روهينا جيرا (1973) بعضاً من واقع الهند اليوم (99 د.) الهوة الشاسعة بين الأغنياء والفقراء، من خلال علاقة شاعريّة بين مهندس معماريّ ثريّ، وخادمته الرقيقة في بومباي. حساسية تنبذ الاستجداء وإهانة طبقة بعينها، بل تميل إلى العقلانيّة، وبعض من حكاية سندريلا والأمير. أكثر من ذلك. تبدو «راتنا» براغماتيّة أحياناً، فيما يظهر «أشوين» بعض السذاجة. الأحلام تبقى كذلك، حتى لو تفاوتت في المستوى والحجم.