بعد دورته في القاهرة أخيراً، يأتي «مهرجان السينما الإيبيرو ــ أميركيّة» إلى العاصمة اللبنانية بالتعاون بين «معهد ثربانتس في بيروت» و«سينما متروبوليس أمبير صوفيل». طوال العام، تستقبل «متروبوليس» أفلاماً من كل العالم من بينها دول إيبيرو أميركا الناطقة بالإسبانية والبرتغاليّة، أكان ضمن عروض مستقلة أو مهرجانات وأسابيع سينمائية تُقام بالتعاون مع سفارات البلدان. الدورة التاسعة من الموعد السنوي تعدنا بثمانية أفلام من الأورغواي وإسبانيا والبرازيل والبيرو وكولومبيا والمكسيك والأرجنتين. يتجاوز همّ المنظمين السينما ليغطي حوارات ثقافية شاملة بين البلدان، تتضمّن موعدين مختلفين في «معهد ثربانتس» (بشارة الخوري ــ بيروت). في «أهلاً على الطاولة» (17/10 ــ س: 18:30) تلتقي الشيف اللبنانية الأورغوانية ثريا عبود مع الصحافيّة الفرنسية كامي جانجان، لتقصّا علينا حكاية عن الطبخ والهجرات بأدوات مختلفة مثل الصحافة والإنثروبولوجيا والفنون والموسيقى، بهدف الوصول إلى تقاطعات بين الثقافات والبلدان. يعدنا المهرجان أيضاً بموعد موسيقي لعازف الغيتار السوري الأصل أيمن جرجور (22/10 ــ س: 19:30) الذي يعزف مقطوعات إيبيرو ــ أميركية تانغو وكلاسيكية ولاتينية لأشهر المؤلفين والعازفين، من بينهم: الفنزويلي أنطونيو لورو (1917 ــ 1986)، والمؤلف الأرجنتيني أستور بيازولا (1921 ــ 1992) والإسباني فرانسيسكو تاريغا (1852 ــ 1909). طوال أسبوع (من 15 حتى 22 تشرين الأوّل)، سنرى ما يشغل عدسات القارّة اللاتينية في «سينما متروبوليس أمبير صوفيل» (الأشرفيّة ــ بيروت). تحضر العلاقات العائلية في فيلم الافتتاح «أبحث عن عشيق لزوجتي» للأرجنتيني دييغو روجيير، الذي يصوّر الطريق المسدود للمؤسسة الزوجية عبر الكوميديا. المكسيكي هوغو لارا يجمع أيضاً العائلة والكوميديا والعلاقة بين الأهل والأبناء في فيلمه «الأطفال عادوا» (16/10). يبقى الشريط عالقاً في الكوميديا المسلية، والفوضى التي تعمّ منزل زوجين متقاعدين، لا تكفي لأن تصنع فيلماً جيّداً، بما يتجاوز همّ جذب المشاهدين من كافّة الأعمار والأنواع. بعيداً عن أفلام مماثلة، لا ترفع شباك التذاكر من قيمتها السينمائيّة، يستضيف المهرجان أعمالاً توازن بين الاشتغال الجمالي والأفكار والسيناريو كما في «المنافي العاطفية» للإسباني جوناس ترويبا. ثلاثة شباّن حالمون، يحاولون إلقاء نظرة أخيرة على سنوات شبابهم قبل الدخول في الثلاثين. يقترح المخرج رحلة طريق طويلة تمتدّ من إسبانيا إلى باريس. لا تنجو الأفلام من حمى العمر ومرور الوقت، كما في فيلم «دفاع التنين» لنتاليا سانتا التي كانت أوّل مخرجة كولومبيّة تشارك في «مهرجان كان السينمائي». التقشّف البصري، ما هو إلا مرادف لتكرار أيّام زائدة. ينمّ الفيلم عن فهم عميق لنفسية ثلاثة رجال في منتصف خمسينياتهم يبدّدون وقتهم بالقمار والشطرنج واجترار الخيبات. من ناحية أخرى، فإن الشهرة الجماهيريّة في البلاد تصبح دافعاً لتعرية الوجوه التي صنعت ذائقة أطفال الثمانينات في البرازيل. موعد مميّز مع «بينغو: ملك الصباحات» للبرازيلي دانيال ريزيندي، الذي يكشف عن الشخصيّة الحقيقية للمهرّج بوزو، الذي كان نجم بورنو قبل أن يصبح المثال الأعلى للأطفال طوال سنوات. ثمّة ما يبدو ناقصاً حتى الآن. لا يمكن لكرة القدم أن تفلت من اهتمام بلاد صنعت المتعة الأكبر في اللعبة طول عقود. السيرة التي يقدّمها «مونديالي» للأورغواياني كارلوس أندريس موريللي قد تصلح سيرة لعدد من نجوم كرة القدم. تيتو مثلهم، يقوده الفقر والملاعب الترابية في الأحياء المكتظّة إلى الكرة والنجومية العالمية التي سرعان ما تتلاشى. من الأرجنتين أيضاً، نشاهد «المواطن الشهير» لغاستون دوبرا ومريانو كوهن في كشفهما للمستور من الأدب الجيّد. أما البيرو فتقدّم فيلم ويسترن «البلدة القديمة» (19/20) لهانز ماتوس. المزارع والحقول تحتضن دراما عائليّة، تحضر فيها تيمات الانتقام والحرائق والصراعات التي لا تنتهي.

الدورة التاسعة من «مهرجان السينما الإيبيروــ أميركيّة»: 19:00 مساء 15 تشرين الأول (أكتوبر) حتى 22 منه ــ «سينما متروبوليس أمبير صوفيل» (الأشرفية ــ بيروت)، و«معهد ثربانتس»
(بشارة الخوري ــ بيروت). 01/753010


البرنامج

«أبحث عن عشيق لزوجتي» ــ دييغو روجيير
15/10 ــ س: 19:00



الافتتاح مع الكوميديا العائلية «أبحث عن عشيق لزوجتي» (100 د ــ 2017) لدييغو روجيير. يعيد المخرج الأرجنتيني العمل على سيناريو كتبه بابلو سولارز لفيلم بالعنوان نفسه (2008) لخوان تراتوتو. للمخرج علاقة متينة مع ثيمات العائلة وروابط القرابة كما في شريطه «ألما» (2015). في أحدث أفلامه، يفقد المنزل الزوجي الصبر على نكد الزوجة نتاليا. طفح كيل دانيال الحانق من تأفّفها الزائد. وقد وجد نفسه في الفترة الأخيرة متيقناً من أن الاستمرار معها في طريقه إلى الفشل.
لكنّه يتهرّب من مواجهتها بضرورة الانفصال. من هنا تبدأ المغامرة والأساليب الملتوية لإبعاد زوجته عنه. يبدأ الشريط الروائي من موت العلاقة، وما يليها، ما هو إلا متاهة من المواجهات والخطط الفاشلة لتثبيت الموت وإعلانه.

«مونديالي» ــ كارلوس أندريس موريلي
20/10 ـــ س: 18:00



إنه حلم الكثير من أطفال أميركا اللاتينية ودولها التي أنجبت مارادونا ورونالدينهو ورونالدو وميسي. يطاردونه في الأحياء الفقيرة والبؤر الترابية. هكذا كبر تيتو بطل شريط «مونديالي» (102 د ــ 2017) للمخرج الأورغواياني كارلوس أندريس مويلي، الذي حوّل كتاب اللاعب الأورغواياني السابق دنيال بالدي، بالعنوان نفسه، إلى فيلم روائي. يتتبع الشريط سيرة تيتو ونموّه الكروي في قريته الصغيرة التي شهدت بداياته، وصولاً إلى اللعب مع أكبر الفرق في الأوروغواي. لكن في ذروة نجاحه وألمعيته، وفي حين يكون مستعدّاً للانضمام إلى أشهر الفرق في إيطاليا، يحدث ما لم يكن متوقّعاً. عبر هذه المشكلة الطارئة، يسائل الفيلم كرة القدم بوصفها فولوكلوراً اجتماعياً، ومصيراً محتّماً لكثير من أطفال البلاد.

«المنافي العاطفية» ــ جوناس ترويبا
17/10 ــ س: 20:00



لفت جوناس ترويبا الأنظار منذ شريطه The Wishful Thinkers عام 2013. ابن المعلّم الإسباني فيرناندو ترويبا، اختار تصوير انقضاء سنوات الشباب في فيلمه الرابع «مناف عاطفيّة» (70 د ــ 2015) الذي نشاهده في المهرجان. يخضع إيقاع الفيلم إلى حيرة ثلاثة شبان إسبانيين مقبلين على الثلاثين. يبحثون عما يمكن أن يوقظ حياتهم من جديد. بأن يلقوا نظرة أخيرة على سنوات البوهيمية والحب واللامبالاة. كادرات ولقطات متقنة تحتفي بالمكان وحميميته. حوارات مثقلة بقلق المستقبل. الوجهة إذاً هي باريس المكان الأمثل لقضاء هذه الفترة. يستقل فيتو ولويس وفرانشيسكو باصاً قديماً. الفيلم عبارة عن رحلة طريق طويلة بين إسبانيا إلى العاصمة الفرنسيّة، يتوقّف فيها الشبان على محطّات الحب وعلاقات الماضي.

«المواطن الشهير» ــ غاستون دوبرا ومريانو كوهن
19 و20/10 ــ س: 20:30



من الأرجنتين يشارك «المواطن الشهير» (118 د ــ 2016) لغاستون دوبرا ومريانو كوهن. يفتتح الشريط بفوز الكاتب الأرجنتيني دانيال بجائزة نوبل للآداب. من منفاه الإسباني، واصل بطل الفيلم استحضار ضيعته سلاس عبر كتابته، إذ كانت الفضاء الثابت لرواياته وقصصه. بعد أربعة عقود، لن تكون عودته إلى ضيعته البعيدة، مثل مغادرتها. هذه المرّة يرجع كشخصية شهيرة يصرف وقته في إلقاء الخطابات والمشاركة في لجان تحكيم بعض المسابقات الفنيّة. عبر لقاءات دانيال مع الماضي، وحواراته الذكية مع أصدقائه القدامى، يظهّر الفيلم إشكاليات عديدة من بينها النجاحات المهنية والشهرة وعلاقتها مع قيم الشخص. هل يخسرها؟ هل يحافظ عليها؟ هل يردّ الجميل إلى البلدة التي أغنت كتبه طوال سنوات إقامته في برشلونة؟

«بينغو: ملك الصباحات» ــ دانيال ريزيندي
18/10 ــ س: 20:00



يستند «بينغو: ملك الصباحات» (113 د ــ 2017) إلى إحدى الشخصيات الحقيقية التي جسدت دور المهرّج بوزو في ظهوره على برامج تلفزيونية في بلدان عدّة منذ الأربعينيات. المخرج البرازيلي دانيال ريزيندي الذي أمضى حياته منتجاً لأهم الأفلام من بينها «شجرة الحياة» لتيرانس ماليك، يركّز في باكورته على الوجه البرازيلي لبوزو. إنه أرليندو باريتو الذي حقّق نجاحاً باهراً في برازيل الثمانينات ولم يسمح له بالكشف عن هويّته الحقيقية حينها. بصرياً، يُغرق ريزيندي فيلمه بتأثيرات الإنتاج التلفزيوني في برازيل الثمانينات. يعوّض عن سريّة باريتو، بحياته الحقيقية التي تتفوّق على شهرته. سنكون أمام مهرّج من نوع آخر. إنه أب يُضحك كل الأطفال، ويفشل في الاهتمام بابنه. حيوان حفلات ورقص ومتع، اشتهر في أفلام البورنو قبل أن يصبح مثالاً أعلى للأطفال.

«دفاع التنين» ــ نتاليا سانتا
21/10 ــ س: 20:00



في فيلمها «دفاع التنين» (79 د ــ 2017) التي شاركت فيه في مهرجان «كان السينمائي» كأوّل مخرجة كولومبية، تضع نتاليا سانتا أبطالها الثلاثة في العاصمة بوغوتا. تصنع المخرجة الأربعينية الآتية من خلفية أدبية، باكورتها من إخفاقات الأصدقاء الثلاثة صامويل وماركوس وخواكين. جماليات التصوير المتقشّفة في الفيلم تخضع للروتين الذي يأكل حيوات الرجال الخمسينيين ويومياتهم. تتنقّل معهم بين المقهى القديم الذي يلتقون فيه، وفي صالات القمار الرخيصة، ونادي الشطرنج، والشقق المتواضعة. في فيلمها المأخوذ من إحدى خطوات الشطرنج، تظهر المخرجة عن فهم عميق لسيكولوجية رجال في منتصف أعمارهم تنبّهوا فجأة إلى أن الحياة لم تمنحهم الكثير. على وقع أغنيات تانغو قديمة تحيل إلى سنوات الشباب، يسير الفيلم بهدوء من دون مشكلات مستعصية.