في تجربته الروائية اليتيمة، اختار قيس الزبيدي قصة «على الأكياس» إحدى قصص مجموعة «الأبنوسة البيضاء» لحنا مينه لتحويلها إلى فيلم روائي طويل حمل اسم «اليازرلي» (1974)، وقد عُدّ هذا الشريط أهم فيلم تجريبي في تاريخ السينما السورية البديلة، نظراً لمقترحه البصري المختلف، وجرأته في اقتحام مناطق محرّمة، تتعلق بالطفولة المنتهكة، وأحوال العمل في الميناء، وسطوة «اليازرلي» أحد تجّار أكياس الحنطة، وشهوات الجسد المقموع، وبهجة طفل يهجر المدرسة وينطلق إلى العمل لمساعدة عائلته الفقيرة، عبر تشابكات سردية معقّدة، تنطوي على عناصر شعرية وملحمية تعتمد في بروزها على وسائل بصرية مونتاجية. سوف يُمنع الفيلم رقابياً، عدا عروضٍ خاصة، كما أنه لم يعجب حنا مينه، معتبراً أن الفيلم يمثّل طفولة المخرج أكثر مما يقارب طفولته هو. يقول قيس الزبيدي عن هذه التجربة: ««اليازرلي» فيلم استحق العقاب اللازم به، ليس فقط لأنه محاولة شكلية جديدة فحسب، بل لأنه احتوى على مشاهد ايروتيكية مستمدة من أدب حنا مينه». ويضيف: «المقارنة يجب أن تتم مع النص الأدبي السينمائي وليس مع القصة لأن عناصر السرد الأدبية مغايرة لعناصر السرد السينمائية. يبقى الأهم: وضع إبداع سينمائي إزاء نوعية أدبية، مع المحافظة على روح الأفكار وتفسير جوهر الأحداث الأصلية، هنا يجب أن تجرى المقارنة. فالأدب ليس مطابقة للحياة والسينما ليست مطابقة للأدب». ابتداءً من هذه المغامرة التجريبية، سيلجأ مخرجون آخرون إلى اكتشاف صلاحية أدب حنا مينه للسينما، نظراً لحمولته الدرامية الثقيلة، والحبكات المشوّقة، ومقارباته لشخصيات عانت عسفاً حياتياً مؤلماً، فكان في طليعة الروائيين السوريين الذين اتكأت السينما على أعمالهم.