أرسل إليك هذا الكتاب بصفتي مواطناً لبنانياً يدفع جميع ضرائبه ومقيمًا في بيروت على نحو دائمٍ. لم اصوت لك في انتخابات مجلس البلدية بسبب قوانيننا الإنتخابية الفاسدة والطائفية التي لا تسمح لنا بإنتخاب ممثلينا بناءً على مكان إقامتنا الأساسي. على الرغم من ذلك، أؤمن بأنّ من حقّي التوجّه إليك لكونك رئيس البلدية المنتخَب الوحيد في المنطقة التي أسكنها. إنّ الشكوى التي أتقدّم بها واضحة وصريحة: أمامك وأمام مجلس البلديّة حلّان: إمّا أن تتخذوا تدابير فعّالة في ما يختصّ بأزمة النفايات فورًا، أو أن تستقيلوا.
أنا، كعددٍ كبيرٍ من المقيمين في بيروت، سواءٌ أكانوا لبنانيين أو أجانب، مواطنٌ يتقيّد بالقوانين ويدفع كمّية كبيرة من الضرائب التي تمول أجور مسؤولي الدولة ونفقاتهم، ومن ضمنهم أنت. في الواقع، لقد استنتجت من خلال بعض الحسابات التي أجريتها أنّني أدفع 30% من مدخولي على الضرائب (كضريبة الدخل والضريبة على القيمة المضافة، وضريبة البنزين، وضريبة الخلوي، ورسوم بلدية بيروت – التي تصل وحدها إلى 50 دولارا أميركيا شهريًا! - إلخ...). كلّ ذلك إضافة إلى دفع فاتورتين مقابل الحصول على الخدمات العامة التي عادةً توفّرها البلديات في البلدان الأخرى: يجب عليّ شراء خدمة الكهرباء (بما أنّ بلدية بيروت لا توفّرها لي)؛ كما يجب عليّ شراء مياه الشرب (بما أنّ بلدية بيروت لا توفّر لي مياه شرب ذات جودة عالية)؛ كما يجب عليّ شراء سيارة للتنقّل (بما أنّ بلدية بيروت لا تؤمّن لي نظامًا فعالًا للنقل العام)؛ واللائحة تطول! أنا لا أتوقع منك ومن المجلس حلّ كلّ هذه الأزمات فورًا (على الرغم من أنني أعلم أنّ ذلك ليس بمستحيل، فانظر إلى حال بعض المدن اللبنانية الأخرى!)، لكن أقلّ ما يمكنكم القيام به هو حلّ أزمة النفايات قبل أن تتحوّل هذه أيضًا إلى خدمة عامة نُجبر على دفع أضعاف ما ندفعه اليوم لمعالجتها!
ستقول لي إنّ هذه الأمور خارج نطاق صلاحياتك، بما أنّ الحكومة المركزية تهتمّ بكافة الخدمات العامة تقريبًا. ستخبرني أيضًا أنّ مدينة بيروت تتمتّع بهيكليّة إدارية خاصة، حيث أنّ مُحافظ بيروت الذي تعيّنه الحكومة يتشارك مع البلدية الصلاحيات التنفيذية، كما ستذكُر أنّ للبلدية التي تترأسها ميزانية محدودة، وأنّه ما من مساحة تكفي لمعالجة النفايات، وبالتالي يجب علينا رمي نفاياتنا في منطقة لبنانية أخرى. حسنًا يا سيدي الرئيس، إنّ حججك جميعها مرفوضة!
ما من شيء يمنعك من تقديم الخدمات العامة، حتى لو كان ذلك يتعارض مع رغبات الحكومة المركزية. فمدينة زحلة تتمتّع بالكهرباء، ومنطقة جبيل القديمة تعتمد على السيارات الكهربائية، أمّا مدينة صيدا، فهي تملك مصنعًا خاصًا لمعالجة النفايات! منذ بدء الأزمة الحالية في البلاد، عمدت بلديات لبنانية عديدة إلى فرز النفايات المنزلية من المصدر وتدويرها. عندما توجد الإرادة، تتوافر الوسيلة! ولا أحد يمكنه ردع مجلس البلدية الذي تترأسه من الانخراط في الخدمات العامة على نحو فعال، ولا سيما عندما يتعلّق الأمر بإدارة النفايات. إبدأ بذلك وستحظى بدعمي وبدعم جميع سكان بيروت (الناخبين منهم وغير الناخبين).
لا تقل لي إنك تفتقد المال والأراضي، إذ يصل إحتياطي الأموال في بلدية بيروت إلى 1.2 مليار دولار أميركي، أي ما يعادل 170 ضعفا للميزانية المخصصة لوزارة البيئة!! لكن بطريقةٍ أو بأخرى، تمكنت خلال فترة ترؤسك المجلس الحالي من إيجاد المال الكافي (والسلطة التنفيذية المطلوبة!) لإغلاق آخر مساحة عامة فريدة ومميزة في بيروت (الدالية)، ولوضع كاميرات مراقبة مثيرة للجدل، كما تمكنت من مصادرة أراضٍ ومتنزهاتٍ عامة بهدف إقامة طرقات سريعة (بوليفار فؤاد بطرس) ومواقف سيارات مثيرة للجدل!
سيد حمد، يُطلب منك ومن مجلس بلدية بيروت تطبيق خطة فورية في ما يتعلّق بإدارة النفايات، المسألة التي، برأيي وبرأي العديد من الخبراء، تتطلّب التالي:
1. تنفيذ حملة في المدينة بأسرها تعنى بفرز النفايات من المصدر، بما في ذلك فرز النفايات القابلة للتدوير والنفايات العضوية وتلك غير القابلة للتدوير. من شأن ذلك تقليص كمية النفايات المنتشرة في شوارع بيروت، وجعل سكان المدينة جزءًا من الحلّ. للمزيد من النصائح حول كيفية القيام بذلك، يُرجى الإتصال ببلديات رومية وبكفيا وجون وأرصون وغيرها.
2. تحديث مصانع الكرنتينا لمعالجة النفايات وجعلها أكثر فعالية: بعد تقليص كمية النفايات عبر الفرز، يمكن تحويل المصانع الموجودة أصلًا (التي تندرج تحت سلطة البلدية القضائية) إلى منشآت أكثر فعالية لتدوير النفايات، وبالتالي تقليص كمية النفايات المرمية. كل ذلك يسمح بتقليص نسبة النفايات التي تُرسل إلى المكبات من 75% إلى 15%!
إنّ الحل الوحيد لأزمة النفايات هو أن تعاود البلديات تسلّم سلطتها التنفيذية، وتطبيق حلول مسؤولة ومستدامة. إذا كنت أنت وزملاؤك في بلدية بيروت عاجزين عن القيام بذلك، أدعوكم إلى تقديم استقالاتكم فورًا.

*اقتصادي لبناني