تبدأ مجموعة «الشعب يريد» اعتصاماً مفتوحاً من السادسة مساء اليوم في ساحة رياض الصلح تتخلله حوارات حول دوافع الناس للنزول إلى الشارع. وتواصل حملة «بدنا نحاسب» تحرّكاتها الميدانية المتنقلة، وقد دعت إلى المشاركة الكثيفة في اعتصام تنظّمه عند السادسة من مساء اليوم أمام مؤسسة كهرباء لبنان في مار مخايل. كذلك دعت إلى المشاركة في التحرك الجامع غداً في ساحة النجمة الذي دعت إليه كل المجموعات المشاركة في الاحتجاجات على أزمة النفايات وعنف أجهزة الأمن.
عقدت الحملة مؤتمراً صحافياً أمس لتؤكّد مطلبها بإجراء انتخابات وفق قانون نسبي خارج القيد الطائفي ضمن لبنان دائرة انتخابية واحدة، وإدانتها لوزير الداخلية بالدرجة الأولى لمسؤوليته المباشرة عن الأجهزة الأمنية التي مارست القمع بحق المتظاهرين. وفي ما يتعلق بملف النفايات، ذكّرت الحملة بأنّ «أساس هذه الأزمة يعود إلى عام 1993 عند إبرام الاتفاق عبر مجلس الإنماء والإعمار مع شركة سوكلين، وهو عقد مخالف لقانون البلديات، وكانت نتيجته أرباحاً خيالية غير مشروعة لأركان السلطة منذ عام 1993 حتى اليوم، ما يرتّب مسؤولية جنائية على كل من شركة سوكلين ورئيس مجلس الإنماء والإعمار ورئيس الحكومة ووزيري الداخلية والمال آنذاك.

وهذه المسؤولية تنسحب على جميع من تولّوا هذه المسؤوليات لاحقاً من ذلك التاريخ». وأضافت أن هذا لا يعفي الحكومة الحالية بما في ذلك وزير البيئة الحالي من المسؤولية. وانطلاقاً من هذا، رأت الحملة أن القضاء يتحمل قسطاً كبيراً من المسؤولية، لأنه لم يكن يقوم بواجباته في حماية أموال الشعب. وبناءً عليه، طالبت النيابة العامة التمييزية بـ»الشروع فوراً في التحقيق بملفات الفساد الموجودة لدى ديوان المحاسبة والتفتيش المركزي».
في هذا الوقت، أي بالتزامن مع سعي مجموعة «بدنا نحاسب» لرفع سقف المواجهة مع السلطة وعشية الاحتجاجات المقررة في مواجهة الحوار الذي دعا إليه رئيس مجلس النواب نبيه بري، بذلت قوى السلطة نفسها محاولة الدخول على خط الاحتجاجات والتأثير بها. فقد استضاف مقر رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي، أمس، اجتماعاً، هو الأول من نوعه، بين قيادة هيئة التنسيق النقابية وعدد من المجموعات المشاركة في هذه الاحتجاجات.
يقول ناشطون إن الهيئة انتقت عدداً من المجموعات والجمعيات، بينها من لم يكن له أي وجود فعّال في الاحتجاجات السابقة، كذلك إن العدد الأكبر من هذه الجمعيات سبق لهيئة التنسيق أن دعته إلى مؤتمرها النقابي الأخير، وهي جمعيات مقربة من القوى السياسية نفسها التي سيطرت على هيئة التنسيق النقابية.
هيئة التنسيق أرادت تحديد شكل مشاركتها في الاحتجاجات، وطرحت نفسها «قائدة» بسبب «خبرتها النقابية»، و»قدرتها على حماية التظاهرة من تشتت المطالب لكي لا تبتعد عن الأهداف المرسومة لها»، وفق ما أوضحه مصدر من داخل هيئة التنسيق النقابية لـ»الأخبار». إلا أن هذه المحاولة لم تكن موضع ترحيب من جميع الحاضرين، فالبعض عبّر بوضوح عن ترحيبه بانضمام الهيئة إلى الاحتجاجات، واعتبر ذلك مطلوباً، لكنه عبّر عن عدم ثقته بقيادة الهيئة التي أصبحت تحت سيطرة ائتلاف أحزاب السلطة نفسه الذي يستهدفه المحتجون بشعار «كلن يعني كلن»، كذلك عبّر عن استغرابه للحماسة المستجدة لدى الهيئة للمشاركة بعدما كانت قد استبقت التنسيق مع المجموعات بالدعوة إلى اعتصام عند الواحدة من بعد ظهر الأربعاء لمطالبة المتحاورين بوضع مطلب الهيئة المتعلّق بسلسلة الرواتب على جدول الأعمال.

اعتصام «بدنا نحاسب» عند 6 مساء اليوم أمام مؤسسة كهرباء لبنان

علماً بأن أحد قياديي الهيئة حاول مراراً خلال الاجتماع إقناع المجتمعين بأهمية عدم استهداف الحوار يوم الأربعاء ومنح فرصة للمتحاورين، وطلب أن يرد ذلك في البيان الصادر عن الاجتماع، ولكن المعارضين لهذا الموقف لم يسمحوا بإمراره.
دخل المجتمعون في سجال حول أولوية انتخاب رئيس الجمهورية أو انتخاب مجلس نيابي جديد، وكذلك دخلوا في سجال حول القانون الانتخابي، وعدد كبير من القضايا الخلافية. اللافت أن ممثلي حملة «طلعت ريحتكم» انسحبوا من الاجتماع في ذروة هذه السجالات، لينتهي الاجتماع إلى إصدار بيان يدعو الناس للنزول إلى الشارع في 9 أيلول للتعبير عن «الغضب العارم من استهتار الطبقة الحاكمة»، ومطالبة المتحاورين بـ»انتظام عمل المؤسسات الدستورية وإيجاد الحلول لقضايا المواطنين الحياتية والمعيشية، وفي مقدمها سلسلة الرتب والرواتب». المطلب الوحيد من مطالب الاحتجاجات الأربعة الذي تضمنه البيان هو إيجاد حل علمي وبيئي لأزمة النفايات «عبر إعطاء البلديات واتحاداتها الدور الرئيسي بذلك وتحرير أموالها في الصندوق البلدي المستقل».