من الناعمة، الى عكار، الى مجدل عنجر، الى صيدا، الى برج حمود، جاء الرد الأهلي على خطّة النفايات أنها: لن تمر. وكذلك أعلنت مجموعات الحراك الشعبي في بيروت رفضها «المرحلة الانتقالية» التي وضعتها الخطّة وقررت «الالتفاف حول الأهالي»، حسب ما صرّح به عدد من الناشطين لـ»الأخبار».
يتساءل المنسّق العام للائتلاف المدني الرافض للخطة الحكومية رجا نجيم «كيف لخطة تحمل هذه العناوين البيئية أن تتجه خلال مرحلتها الانتقالية نحو الطمر؟»، لافتاً الى أن الحل البيئي المستدام الذي لم يلحظ على المستوى الفني الإشارة الى خيار الطمر لا يمكن ان يدفع باتجاه أساليب غير بيئية. ويضيف: «لماذا الطمر في الناعمة وليس الفرز مثلاً؟ ولماذا نتعامل مع متعهدي طمر لا مع متعهدي فرز؟ كشفنا على النفايات في المطمر وقمنا بفرزها وتبين أن 5% فقط قابل للطمر، فلماذا لا يحولون منطقة الناعمة/ عين درافيل الى منطقة فرز عوض المكبات العشوائية؟».
من جهته، يقول رئيس الحركة البيئية بول أبي راشد إنه «خلال شهر، معظم البلديات تبنت خيار الفرز، فلماذا يعيدون البلديات الى خيار الطمر؟». يصرّ أبي راشد على أن الحركة البيئية والجمعيات البيئية الأخرى لم تطّلع إلا على القسم الأخير من الخطة المتعلّق بالبلديات، لافتاً الى أن القسم الأول المتمثل بالمرحلة الانتقالية لم يتم إطلاعنا عليه، قائلاً: «أشك بأن الخبراء الذين وضعوا الخطة البيئية على المدى الطويل هم أنفسهم من وضع خطة المرحلة الانتقالية».
اللافت في ما يشير إليه نجيم أنه لا يوجد أي ضرورة لاستحداث مطمر في السلسلة الشرقية، هذه المنطقة تجمّع الثلج وهي المصدر الرئيسي للمياه الجوفية، «ذلك أنه من الناحية التقنية ليس هناك داع لاستحداث مطمر في البقاع ولا إعادة تشغيل مكب برج حمود». يعدد نجيم مآخذه على اعتماد مكب برج حمّود بعد تأهيله، على اعتبار أن «تجربة مكب صيدا لا تزال في الأذهان وأن هناك استحالة بتجهيز مكب برج حمود بستة أشهر فقط، أقلّه يحتاج الى سنتين ونصف سنة». ويخلص نجيم الى أن هذه الخطة، التي تحمل العناوين البيئية، تعتمد الوسائل اللابيئية في المرحلة الانتقالية.

لماذا علينا التعامل
مع متعهدي طمر، لا مع متعهدي فرز؟

إلا أن الطمر ليس وحده ما يثير استياء معارضي الخطة ومنتقديها، إذ ترى بعض المصادر المتابعة أن «المأخذ» الجدي يكمن في تكليف مجلس الإنماء والإعمار، «الجهة التي فشلت في إدارة هذا الملف طوال سنين» تشغيل المطمرين المزمع إنشاؤهما (تقضي الخطة بتكليف مجلس الإنماء والإعمار تشغيل المطمرين المستحدثين في عكار والبقاع)، مثيرة شبهة الصفقات المحضّرة من «الجماعة نفسها» لاعتماد حلول «ترقيعية» غير بيئية، المستفيد الأول منها هم نفس الأشخاص.
«المشكلة لا تكمن في مجلس الإنماء والإعمار. هو مجرّد وسيلة فنية، المشكلة تكمن في هذه السلطة السياسية التي أفقدتنا الثقة بأي طرح تتبناه»، هذا ما يقوله الوزير السابق شربل نحّاس الناشط في الحراك الشعبي لـ»الأخبار»، لافتاً الى أن الصورة المثالية التي تروّج لها السلطة غير مقنعة نتيجة انعدام الثقة. ويلفت نحّاس الى أن هناك مهلة بين 7 أيام وشهر ونصف شهر لتجهيز مطمري سرار والسلسلة الشرقية لا نعلم ماذا سيجري خلالها، «وبالتالي المهلة الانتقالية عليها أن تدفع نحو هدف يشبهها. وإذا كان المقدَّم حلّاً بيئياً سليماً، فإن هذه المرحلة عليها أن تكون مشابهة للهدف». ويعتبر نحّاس أن هذه الخطة «دليل على أن الضغط مفيد والمطلوب ازدياد الضغط».
من جهته، يقول المهندس المدني راشد سركيس إن هذه الخطة تستطيع أن تكون فاعلة ومفيدة إذا ما جرى تعديل بعض النقاط التي تطرحها، لافتاً الى أن هذه الخطة كان يجب أن تكون مجهّزة منذ شهرين من قبل لجنة إدارة أزمة لا يتضمنها مسؤولون وتكون مؤلفة من خبراء مدنيين.
في ختام الخطة التي تم نشرها، ترد «ملاحظة لا بد منها» مفادها أن الحلول المقترحة للمرحلة الانتقالية يجب أن تكون تحت رقابة الجهات المركزية المعنية، وبالتالي اللجنة الوزارية التي «أثبتت فشلها سابقاً»، وفق ما تقول المصادر المتابعة، متساءلة «كيف لهم أن يضعوا الخطط تحت إشرافها؟» هذا الأمر أثار غضب مجموعات الحراك الشعبي التي اعتبرت أن هذه الخطة التي تستلزم موافقة الأحزاب السياسية، هي «رهن السلطة السياسية» وفق ما يقول الناشط في الحراك الشعبي أيمن مروة لـ»الأخبار»، لافتاً الى أنهم «روّجوا لإشراك المجتمع المدني في الخطة، فيما أبقوا مهمة مراقبتها للجنة الوزارية». ويضيف مروة إن هذه الخطة «هي بمثابة سياسة خداع تهدف الى الالتفاف حول الأزمة، وهذا ما نفهمه من طرح إعادة فتح مطمر الناعمة للضغط علينا ودفعنا باتجاه القبول بهذا الحل تداركاً لخطر تساقط الأمطار، مراهنين على الخلاف بين الحراك وأهالي الناعمة، لكنهم لا يدركون أن ما يقوله أهالي الناعمة سيلتزم به الحراك وليس العكس».
كلام مروة يؤكده الناشط في حملة «حلّوا عنّا» ابراهيم دسوقي الذي يقول إن الحملة، وسائر المجموعات الشبابية ستدعم خيار حملتي «إقفال مطمر الناعمة» و»عكّار منا مزبلة» وسائر الحملات، مشيراً الى أن الحلّ المؤقت من المفترض أن يكون متناسباً والخطة الشاملة.
ويشير دسوقي الى «اللغة المبهمة التي صيغ بها دور البلديات»، معتبراً أن هذا الأمر هو متعمّد لإيهام الناس أنهم يتقدمون بحلول، مشيراً الى أن هذا الأمر يعدّ دليلاً على ما يقوم به الحراك الشعبي من ضغط، «إلا أن هذا حتماً لا يكفي ويتطلب استكمال المسار».