مقالات مرتبطة
-
«سوليدير» باقية حتى عام 2029: قضاء في خدمة شركة إيفا الشوفي
في الواقع، إن الخسارة الناتجة من إلغاء عقدي بيع كانت شركة سوليدير قد وقعتهما سابقاً وسجّلتهما أرباحاً في ميزانيتها، فضح الممارسات المبدّدة للأموال. ففي عام 2014، كانت قيمة البنود المذكورة تبلغ 50.65 مليون دولار، وهو مستوى اعتادت الشركة أن تقدّمه لمساهميها على أنه ضمن المصاريف الطبيعية لأي شركة، فيما تبيّن في عام 2015 بعد خسارة هذين العقدين، أن هذه الخسائر يجب أن تكون استثنائية. يكمن شيطان سوليدير في تفاصيل بنود هذا الإنفاق على النحو الآتي:
ــ مرتجعات مبيعات الشركة بقيمة 113.4 مليون دولار: أنفقت الشركة 94 مليون دولار لإعادة أثمان العقارات التي سجّلتها أرباحاً في السنوات الماضية، وبينها قيمة عقدين ارتجعا في 2015. وهناك 11 مليون دولار هي مؤونات مبهمة تحت اسم مستحقات عامة. وهناك مؤونات بقيمة 5.7 ملايين دولار عن الشركات السياحية التي أسستها الشركة وتكبدت خسائر كبيرة فيها. كذلك هناك مؤونات تجاه مستحقات من شركة سوليدير مانجمنت سرفيس بقيمة 3.5 ملايين دولار.
اللافت في هذا البند، أن إلغاء عقدي البيع ليس مؤشراً سلبياً جداً على الأوضاع التي تمرّ بها الشركة فحسب، بل يترك انطباعاً بأنه لم تعد هناك ثقة بهذه الشركة وبإدارتها، إذ إن الإلغاء يأتي رغم تقليص سعر بيع المتر المربع بأكثر من 30% (كان السعر قبل سنوات لا يقلّ عن 5 آلاف دولار، وهو اليوم لا يزيد على 3500 دولار)، وهو عملية متكرّرة سنوياً، إذ كانت قيمة المرتجعات في السنة السابقة 9.7 ملايين دولار.
إلغاء عقدي البيع هو مؤشرً سلبي ويترك انطباعاً بأنه لم تعد هناك ثقة بالشركة وبإدارتها
كذلك، إن المؤونات التي تأخذها الشركة في إطار مستحقات عامة، ليست بسيطة، إذ تبلغ قيمتها 11 مليون دولار (!) أين ذهبت هذه الأموال؟
وبالنسبة إلى الشركات السياحية، هناك سؤال عن جدوى مشاركة سوليدير في مشاريع سياحية خارج اختصاصها المنصوص عليه في قانون إنشائها، فالإدارة تكبّد الشركة مبالغ سنوية كبيرة لتغطية خسائر الشركات المدرجة في إطار «بيروت هوسبيتاليتي».
والأغرب من ذلك كلّه، أن الإدارة دفعت 3.5 ملايين دولار لشركة تابعة بنسبة 100% (سوليدير مانجمنت سرفيس) رأسمالها بسيط جداً، وفي السنة السابقة دفعت أيضاً مبلغ 1.5 مليون دولار... هل تحاول سوليدير إخفاء نفقات إدارية بهذه الطريقة؟
تقول مصادر المساهمين، إن هذا البند كلّه ينطوي على شبهة لتهريب أموال الشركة من بند المصاريف الإدارية، إذ إن الواضح في الميزانيات السابقة أن المؤونات المتخذت شطبت لاحقاً.
ــ خسارة الشركة 2.5 مليون دولار بسبب إعادة جدولة المبيعات: كانت قيمة هذا البند 5.9 ملايين دولار في عام 2014، ما يظهر بوضوح فشل الشركة في التوصل إلى عقود بيع جديّة ترضي البائع والمشتري. يضرّ الأمر بسمعتها كثيراً، فهي في كل سنة تجد نفسها مرغمة على التفاوض مع الزبائن لإعادة جدولة دفعاتهم، وتتكبّد هي مصاريف الأمر. في عام 2014 كان هناك أربعة زبائن، وفي عام 2015 هناك زبونان.
ــ شطب بعض الإيرادات بقيمة 4.7 ملايين دولار: في عام 2015 عمدت الشركة إلى شطب بدلات الإيجار المتراكمة على المستأجرين. الشركة لم تتخذ أي إجراءات قانونية للحفاظ على حقوق المساهمين في إيرادات الإيجارات، وهي عمدت إلى شطب إيرادات كانت مسجّلة أرباحاً في عام 2014 بقيمة 3.2 ملايين دولار. الشركة لم يعد بإمكانها إدارة العقارات التي تملكها بصورة صحيحة، بل باتت تعمل بطريقة سياسية لإرضاء هذه الجهة أو تلك أو لمنافع أخرى مع كبار السياسيين وأصحاب الريوع في لبنان.
ــ مؤونات لمخاطر غير متوقعة بقيمة 7.5 ملايين دولار: الشركة تضع الكثير من المؤونات لمواجهة المخاطر غير المتوقعة. المصدر الأساسي لهذا الخطر هو الدعاوى القضائية المرفوعة ضدّها من بعض الجهات، ولا سيما أصحاب محلات الذهب وغيرهم من الزبائن الذين تعرضوا لخديعة كبرى.
ــ المصاريف الإدارية بقيمة 30.9 مليون دولار (31.15 مليون دولار في 2014): هناك وعود منذ سنوات لخفض المصاريف الإدارية، لكن كما يظهر من النفقات السابقة، إن النفقات الإدارية على ازدياد. واللافت في هذا البند، أن الشركة تدرج الكثير من المبالغ في إطار أعمال البنية التحتة، فهاك مبلغ 8.5 ملايين دولار من هذه النفقات يذهب لموظفين وأعمال تتعلق بالبنية التحتية التي تدفع كلفتها الدولة، أي إن هذا الجزء من الرواتب مموّل من المال العام. واللافت أن هذا الرقم يشمل كلفة التأجير البالغة 6.3 ملايين دولار والتي باتت توازي نصف إيرادات التأجير! وهناك مبلغ 2.7 مليون دولار يذهب إلى مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية، لكنه لا يتضمن الرواتب والبدلات التي يحصل عليها هؤلاء مقابل رئاسة أو عضوية الشركات التابعة، وهي مبالغ بملايين الدولارات أيضاً.
رغم كل هذا الإنفاق، تستمر المبيعات بالانحسار. وبات مطلوباً من المساهمين التنازل عن توزيع الأرباح والسكوت عن كل هذا التبديد للثروة التي استولت عليها سوليدير من أصحاب الحقوق بتغطية من أقطاب السياسة في لبنان في عام 1994.