يعتبر قطاع البناء، أكثر القطاعات إشكالية في لبنان: في وظيفته الاقتصادية، وأرباحه، وعشوائية تنظيمه، وشروطه البيئية، وظروف عماله البائسة، اللبنانيين والفلسطينيين والسوريين. كما أن قطاع البناء، هو في صلب أيّ سياسة إسكانية في البلد.
انتخب جاد ثابت، المهندس المعماري، رئيساً لنقابة المهندسين، حاملاً معه، مشاريع إصلاحية، في مجال السكن والإعمار والبناء. في برنامج لائحة "نقابتي"، التي ترأسها، نية واضحة للتصدي لقضايا الشأن العام.
لا أريد تحميل جاد تابت المسؤولية بالنيابة عن الحكومة والمجلس النيابي، لكني أدعوه وكخطوة أولى، ومن موقعه النقابي، إلى أن يبادر إلى تنظيم مؤتمر نقابي وطني، يجمع، إلى نقابته، نقابات العمال اللبنانية في قطاع البناء، والاتحاد العمالي العام، والاتحاد العام لعمال فلسطين، وممثلين عن العمالة السورية، ولجنة الدفاع عن المستأجرين، لبحث القضايا المشتركة، في إطار احترام حق العمل وحق السكن، والاتفاقيات الدولية التي ترعى حقوق الناس جميعاً، محليين، لاجئين، أو نازحين.
أعرف تماماً، أن جاد تابت، يترأس نقابة لم تتعود على هذه المبادرات، ولا هي تتبنى بالضرورة هذه القضايا، وأن موازين القوى الحالية، في المجلس الجديد، لا تسمح كثيراً بتغيير فعلي. إلا إذا كان التصويت الأخير لصالحه، يعكس تغييراً ما، لم نلمسه بعد! بانتظار اتضاح الرؤية، إني أعتقد أن مبادرة، كالتي أقترح، يمكن أن تفيد على مستويين على الأقل:
- لجهة العلاقة بين النقابات العمالية ونقابة المهندسين. فبعد تنسيق ناجح مع الاتحاد العمالي العام، في سنة 1987، في إطار المؤتمر النقابي الوطني العام، وفي مواجهة الحرب وتدني سعر صرف العملة الوطنية، أصبحت العلاقة شبه معدومة في السنوات الأخيرة. ولعل إحياء التنسيق بين النقابات العمالية في قطاع البناء ونقابة المهندسين، يفتح الباب أمام التنسيق بين النقابات العمالية ونقابات المهن الحرة، لا سيما في المجالات القانونية والصحية والسكنية، ويوسع من إمكانية التأثير النقابي، على المستوى المعيشي.
- لجهة تشكيل قاعدة نقابية عريضة في قطاع البناء، تحمل مشروعاً عمالياً، إسكانياً، وبيئياً متكاملاً، تتفاوض عليه مع السلطة أو تضغط من أجل تحقيقه. وربما يفتح الباب أيضاً، أمام تنسيقيات أخرى في القطاعات المختلفة، تعمل من أجل التأثير، في السياسات العامة.