مليار و100 مليون دولار هو حجم قطاع الصناعات الغذائية في لبنان من الناتج المحلي الإجمالي عام 2013، وفق دراسة أعدّتها المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان «إيدال»، بعنوان «فرص الاستثمار في قطاع الصناعات الغذائية لعام 2016». تهدف الدراسة إلى تشجيع الاستثمار في هذا القطاع عبر تقديم قاعدة بيانات وأرقام، إضافة إلى توقعات المؤسسة بشأن أبرز الفرص الاستثمارية المتوافرة في هذا القطاع، وأخيراً تقديم سلة حوافز وإعفاءات مالية للمستثمرين.
في الواقع، يُعَدّ هذا القطاع ــ وفق دراسات سابقة للمؤسسة ــ الأكثر توفيراً لفرص العمل من ضمن القطاع الصناعي، بحيث يوفّر أكثر من 20 ألف فرصة عمل، "أي ما يوازي نسبة 25 في المئة من اليد العاملة الصناعية". كذلك يضم الحصة الأكبر من المنشآت الصناعية بنسبة 23%، أي ما يوازي 970 منشأة صناعية يتركز 34% منها في جبل لبنان و30% في البقاع. تشير الدراسة إلى أن 55% من المصانع الغذائية تُنتج الخبز، الحليب والألبان، الفواكه والخضار المحفوظة.
تتوزع المصانع الغذائية حسب نوعية الإنتاج، بحيث تبلغ نسبة المصانع التي تُنتج الخبز والحلويات 30%، تليها منتجات الألبان والأجبان بنسبة 15%، ومن ثم الفواكه والخضار بنسبة 10%. أمّا المشروبات الكحولية، والحبوب والنشويات، والزيوت، فتشكّل كل منها نسبة 4% من المصانع الغذائية، بحسب الأرقام الصادرة عام 2007، وهي بحسب "إيدال" قاعدة المعلومات الأخيرة المتوافرة!

بلغت صادرات المنتجات
الغذائية الصناعية 548 مليون دولار عام 2015

في ما يتعلق بالصادرات، ارتفعت صادرات لبنان من المنتجات الغذائية الصناعية من 422 مليون دولار عام 2012 إلى 548 مليون دولار عام 2015، وقد شكلت هذه الصادرات 18.6% من مجمل الصادرات اللبنانية عام 2015. لكن ماذا يصدّر لبنان من صناعاته الغذائية؟
17.8% من الصادرات هي منتجات الخبز والحلويات، تليها منتجات الألبان والأجبان بنسبة 11.5%، ومن ثم الخضار والفواكه المحفوظة بنسبة 10.9%، فيما تحوز اللحومات والأسماك الحصة الأكبر من الصادرات بنسبة 25.8%. تُعَدّ الدول العربية وجهة التصدير الأولى، إذ إن 65.9% من الصادرات تصل إليها، تليها الدول الأوروبية بنسبة 11.3%.
ترى "إيدال" في دراستها أنّ فرص الاستثمار المتاحة في قطاع الصناعات الغذائية تندرج ضمن 5 مجالات رئيسية يمكن أن تحقق نمواً كبيراً في السنوات المقبلة، هي زيت الزيتون، منتجات الألبان والأجبان، الفاكهة المجففة والمكسرات، الأغذية المعلبة والنبيذ. وبناءً عليه، إن توجه المستثمرين والدعم الذي تقدمه الدولة سيكونان مركّزَين على هذه المجالات الأساسية.

زيت الزيتون... بنكهة الأعشاب والتوابل

ترى "إيدال" أنّ زيت الزيتون هو من بين المنتجات الغذائية الصناعية اللبنانية الأكثر شهرة، وهو يكتسب المزيد من الفرص في كل من الأسواق المحلية والعالمية، نظراً إلى جودته وأسعاره التنافسية. في عام 2015 بلغت صادرات زيت الزيتون 25.7 مليون دولار، بزيادة قدرها 27% عن مستويات 2014، 21% من هذه الصادرات تذهب إلى الولايات المتحدة الأميركية، تليها السعودية بـ 20%.
في الواقع، تغطي أشجار الزيتون ما مساحته 570 كيلومتراً مربعاً من الأرض في لبنان، ما يشكل 5.4% من مساحة الأراضي اللبنانية و 8% من مساحة الأرض الزراعية. تنمو هذه الأشجار بنحو رئيسي في 6 مناطق، هي: البترون، الكورة، حاصبيا، زغرتا، عكار وراشيا الفخار، ويوجد 544 معصرة زيتون مسجلة وموزعة على هذه المناطق، العدد الأكبر منها في شمال لبنان، حيث توجد 274 معصرة. أما إنتاجية الزيت من أشجار الزيتون فتراوح بين 18% و25%.
تتوقع المؤسسة في دراستها أن هناك فرص نمو في إنتاج زيت الزيتون البكر الممتاز من أصناف جديدة من الزيتون، كذلك فإن زيوت الزيتون بنكهة الأعشاب والتوابل المختلفة أصبحت شعبية وتمثل فرصة استثمارية جيدة في السوق اللبنانية.
منتجات الألبان والأجبان: فرص للصناعة العضوية
لا يزال اهتمام المستهلكين اللبنانيين بالصحة والعافية في بدايته، ولكنه ينمو بسرعة، ما يخلق فرصاً جديدة لتصنيع منتجات الألبان العضوية، ولا سيما تلك التي تستهدف الأطفال، وفق توقعات "إيدال". فقد استورد لبنان عام 2015 ألباناً وأجباناً بقيمة 307 ملايين دولار، فيما صدّر فقط بقيمة 7 ملايين دولار.

تبلغ قيمة
صناعة النبيذ اللبناني 41 مليون دولار



تشير الدراسة إلى أن في لبنان نحو 31 مصنع ألبان وأجبان تتركّز في البقاع، حيث يوجد 17 مصنعاً، وجبل لبنان حيث يوجد 11 مصنعاً. يهيمن على هذا القطاع عدد كبير من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، أكبرها شركة Liban Lait، بالإضافة إلى منتجات الألبان الأخرى، مثل خوري وشركاه، سكاف للألبان، جابر وأولاده، مزارع تعنايل وHawa Dairy.

الفواكه المجففة والمكسرات: إعادة تشكيل السلسلة

تقترح المؤسسة ضرورة إعادة تشكيل وهيكلة سلسلة تصنيع الفواكه المجففة والمكسرات لخلق قيمة أعلى، بحيث تصبح المحامص اللبنانية مورداً ثابتاً للأسواق الإقليمية بعد تحقيق متطلبات شهادة الجودة التي ينص عليها الاتحاد الأوروبي. فوفق أرقام الدراسة، يوجد في لبنان 42 محمصة لإعداد الفواكه المجففة والمكسرات، ومعظمها يتركز في شمال لبنان حيث يوجد 16 محمصة، وفي جبل لبنان حيث يوجد 14 محمصة. أمّا صادرات الفواكه المجففة والمكسرات لعام 2015، فقد بلغت نحو 126 مليون دولار.
الأغذية المعلبة: طلب متزايد على الحليب النباتي والكينوا
تسجّل دراسة "إيدال" طلباً متزايداً على الحليب النباتي مثل حليب الصويا، حليب جوز الهند، حليب الشوفان وحليب اللوز. وبناءً عليه، ترى في هذا التوجه صناعة نامية. كذلك، إن الطلب العالمي على منتجات الكينوا أدى إلى ظهور منتجات جديدة في مجال إنتاج الكينوا، فبات هناك طلب على طحين الكينوا، رقائق الكينوا وحبوب الكينوا، وبالتالي ترى المؤسسة فرصاً للاستثمار في هذا المجال، خصوصاً أن إنتاج الكينوا عالمياً بلغ عام 2013 نحو 114 ألف طن.

مستقبل النبيذ: طلب على النوعية الفاخرة

تتوقع "إيدال" فرصاً استثمارية قيّمة في صناعة النبيذ، إنما هذا النجاح مرتبط بالتحوّل نحو إنتاج نبيذ عالي الجودة موجه إلى متذوقي النبيذ الراقي. كذلك تقترح على مصانع النبيذ المحلية التركيز على الأنشطة السياحية من خلال إجراء جولات في كروم العنب، ومناسبات لتذوق النبيذ، وغيرها من النشاطات التي تروّج للنبيذ اللبناني.
في الواقع، تبلغ قيمة صناعة النبيذ اللبناني 41 مليون دولار، وتعتمد بنحو رئيسي على الصادرات. يشمل هذا القطاع 40 مصنع نبيذ، 21 منها في البقاع، وتنتج نحو 8.5 ملايين زجاجة نبيذ سنوياً، بحيث يسيطر مصنعو كسارة وكفريا على ما يقارب نصف قيمة الإنتاج. يصَدّر النبيذ اللبناني إلى أكثر من 40 بلداً، وتشير الأرقام إلى أن 32% من صادرات النبيذ موجهة إلى بريطانيا و17% إلى فرنسا.