«حرصاً على سير العملية التعليمية ومصلحة الطلاب، يُمنع منح إجازات صحية سببها الحمل. وكل إجازة سببها مضاعفات أو ظروف صحية تعاني منها المعلمة بسبب حملها، تعتبر إجازة خاصة من دون راتب (...) وفي حال اضطرت المعلمة إلى الغياب بشكل مستمر ومتكرر، وجب عليها تقديم استقالتها فوراً، ليتم تأمين بديل دائم عنها، مع إمكانية إعادتها إلى وظيفتها بعد الولادة إذا بقي مكانها شاغراً».هذا، حرفياً، ما ورد في نصّ تعميمٍ داخلي صدر أخيراً عن «مؤسسات أمل التربوية»، وانتشرت صورته على مواقع التواصل الإجتماعي، وأثار موجة من الإستياء.
الإدارة العامة لـ«المؤسسات»، أصدرت بيانا أوضحت فيه أن التعميم «جاء على خلفية تقديم معلمات تقارير طبية مشكوكاً في صحتها، ومتعلقة بوضعهنّ كحوامل، ما ألحق ضرراً بالمؤسسة»، لافتا الى أنّ «الغاية من التعميم ضبط الوضع ليس إلا». ولفت الى أنّ 85% من العاملين في «مؤسسات أمل» من النساء، «ما يجعلها سباقة في ما يخص الحفاظ على حقوق المرأة».
قانون العمل نصّ صراحة على حقّ الموظفة بإجازة صحّية استناداً لتقرير الطبيب المُختصّ


مصادر في «المؤسسات» أكدت لـ «الأخبار» الالتزام بما ورد في القانون 1974 الذي يحدد عطلة الولادة بـ 40 يوماً على الأكثر، والتي تُمنح للمعلمة التي تقدّم تقريراً طبياً بوضعها. وأضافت أنّ صيغة البيان جاءت بالشكل الذي رأيناه لتكون بمثابة «تخويف وتحذير»، بعد الضرر الكبير الذي لحق بالطلاب بسبب تغيّب معلماتهم، والتذمّر الذي بدأ يبديه الأهل بسبب النقص التعليمي الذي لحظوه مؤخراً. وأشارت المصادر الى استحالة تسريح أي معلمة بسبب الحمل أو الولادة، مُشيرةً الى أنّ المؤسسة «لم ولن تقدم على أي خطوة يمكن أن تلحق الأذى بأحد العاملين فيها».
مسؤولة الإعلام في «اللقاء الوطني للقضاء على التمييز ضدّ المرأة»، النقابية السابقة في رابطة أساتذة التعليم الثانوي ماري الدبسّ، شدّدت على أنّ قانون العمل نصّ بشكل صريح على حقّ الموظفة في الحصول على إجازة صحّية بعد إبرازها تقريراً طبياً من الطبيب المُختصّ، مُشيرةً إلى أن بعض حالات الحمل قد تستدعي أحيانا من المُعلّمة الأم المكوث في السرير أسابيع طويلة.
وأوضجت الدبّس لـ«الأخبار» أن الاجازات الصحية الناجمة عن الحمل كغيرها من الإجازات التي يحصل عليها بقية الموظفين نتيجة تعرّضهم لوعكات صحّية، و«الإدارة التي تُشكّك في صحّة تعرّض موظفيها لوعكات صحية او غيرها، عليها ان تقوم بخطوات أخرى غير إصدار تعاميم بمنع منح الإجازات».
ولفتت الدّبس الى التعديلات التي طرأت على قانون العمل ورفعت إجازة الأمومة من 40 يوماً الى تسعة أسابيع، مُشيرةً الى أن هذا التغيير جاء بعد «نضال طويل»، وبالتالي يجب احترامه.
اللافت أنه بعد الضجة التي أحدثها نشر التعميم، أصدرت إدارة «المؤسسات» بياناً «معدّلاً»، استبدلت فيه بند تقديم الإستقالة، بطلب إجازة غير مدفوعة «ليتمّ تأمين البديل عنها، مع إمكانية إعادتها الى الوظيفة بعد الولادة»! ويوحي ذلك بإصرار الإدارة ومُضيها في قرارها التمييزي، وبأن قرارها أبعد من نيّة «تخويف» المعلمات المتقاعسات.