قبل أيام، اندلع حريق كبير في مكبّ النفايات العشوائي الواقع بين بلدتي جدرا والجية، بمحاذاة معمل الجية الحراري. لأكثر من ثلاث ساعات متواصلة، بقيت النيران تلتهم النفايات، في «حادثة» لن تكون الأخيرة على الأرجح.الحريق المُفتعل سُجّل ضدّ «مجهول». أما الأهالي الذين سئموا سموم حرق النفايات في المكبات العشوائية التي انتشرت في مناطقهم منذ صيف 2015، عقب إقفال مطمر الناعمة، فيميلون إلى اتّهام بلديتي جدرا والجيّة بافتعال الحريق لتصريف نفاياتهما.
رئيس بلدية جدرا الأب جوزيف القزي نفى لـ «الأخبار» أي علاقة للبلدية بالحريق «وقد دفعنا نحو 3 ملايين ليرة ثمن مياهٍ لإطفاء النيران». والأمر نفسه تؤكّده بلدية الجية التي تشدّد مصادرها على أنها «اتّخذت قراراً مبدئياً بإقفال المكبّ ووقف نقل النفايات اليه».
ولكن، بعيداً من النفيين، هل تملك البلديتان خياراً آخر غير المكبّ الحالي؟
بلدية جدرا، بحسب المعلومات المُستقاة من مصادرها، توقّفت منذ نحو أسبوعين عن نقل النفايات إلى المكب بعدما بدأت شركة «سيتي بلو» عملها في جمع نفايات البلدة أخيراً. أما بلدية الجية فلم تتقدّم من مجلس الإنماء والإعمار بطلب شمولها ضمن نطاق عمل الشركة المكلفة جمع النفايات من مناطق جبل لبنان ونقلها إلى مطمر الكوستابرافا، «لأن المجلس البلدي لا يُريد دفع الأموال لنقل النفايات»، وفق مصادر في البلدية. وتُفيد المعلومات بأن مسؤولي البلدية يُراهنون على أن تشمل خطة النفايات الحكومية البلدة، وبالتالي تدرجها ضمن نطاق عمل «سيتي بلو» مجاناً.
عودة المساعي لتسويق سبلين موقعاً لمعمل المعالجة


بهذا المعنى، تبدو بلدية الجيّة المسؤولة الأولى عن النفايات التي تغرق شوارعها. إذ إن البلدة من البلدات القليلة جداً في الشوف وعاليه وإقليم الخروب التي لم «تلتحق» بنطاق «سيتي بلو» أواخر 2017.
قبلها، كانت هذه البلدات مُستثناة من الخطة الحكومية للنفايات وتُركت نحو عامين تتخبّط في نفاياتها، فانتشرت عشرات المكبات العشوائية في أرجائها. وفيما تقوم «سيتي بلو» حالياً بجمع النفايات «الجديدة»، تبقى تلك «القديمة» على حالها! وأوضح مفوض الحكومة لدى مجلس الإنماء والإعمار وليد صافي لـ«الأخبار» أنَّ «الأولوية هي لنقل النفايات اليومية من الشوف وعاليه إلى مطمر الكوستابرافا. وعندما تشمل مهمات الشركة كل قرى المنطقة وبلداتها، سيدرس المجلس نقل النفايات القديمة من المكبات العشوائية»، لافتاً إلى ذلك «مرتبط بانتهاء أعمال توسيع مطمر الكوستابرافا».

معمل المعالجة
في غضون ذلك، برز حراكٌ جديد تمثل في اتصالاتٍ أجراها مسؤولون في الحزب التقدمي الاشتراكي بعدد من بلديات إقليم الخروب، قبل شهرين من الانتخابات النيابية، لإعادة طرح مسألة إقامة معمل لمعالجة النفايات في منطقة إقليم الخروب وفق مواصفاتٍ علمية وتحت إشراف اتحاد البلديات. وأبلغت مصادر متابعة «الأخبار» أنَّ «الطرح أتى على ذكرِ 3 مواقع لإقامة المعامل: الأول في سبلين، والثاني ضمن نطاق الشوف الأعلى، والثالث بمحاذاة معمل الجية الحراري». وأضافت أنَّ «الترويج لخيار الشوف الأعلى هو مجرّد تمويه، والضغط سيذهب نحو اعتماد مكانٍ في نطاق إقليم الخروب». وبحسب المصادر، فإنَّ «التركيز كان موجهاً نحو الطرح القديم ــــ الجديد، المتمثل باعتماد سبلين كموقع أساسي لإقامة هذا المعمل، ودُعيت البلديات إلى التفكير جدياً فيه لإنهاءً الأزمة القائمة».
يأتي هذا الطرح بعد عودة مساعي اتحاد بلديات إقليم الخروب الشمالي في هذا الشأن إلى نقطة الصفر. أبرز الطروحات وآخرها، كان اعتماد مشاعٍ عائد لبلدة داريا موقعاً للمعمل. إلاَّ أنَّ الطرح اصطدم برفض الأهالي، وبذلك أصبح «طرح إنشاء المعمل في داريا من الماضي» بحسب رئيس بلدية داريا العميد باسم بصبوص.



أموال المعالجة «حبر على ورق»
قبل نحو ستة أشهر، أعلنت وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية في حكومة تصريف الأعمال عناية عز الدين عن هبة من الاتحاد الأوروبي بقيمة 20 مليون يورو مخصصة لمعالجة النفايات الصلبة والطبية ونفايات المسالخ في بيروت وجبل لبنان حصراً. مذذاك، تنتظر بلديات الشوف وإقليم الخروب حصتها من الهبة علّها تساهم في المساعدة بالتخلص من النفايات المتراكمة.
مصادر في وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية أكدت لـ «الأخبار» أنَّ الهبة «لا تزال حبراً على ورق، ولا أموال حتى الساعة». وأوضحت أنَّه «لم يجر توقيع عقودٍ رسمية مع الاتحاد الأوروبي لصرف هذه الأموال التي لن تأتي عبر الوزارة، بل سيصرفها الاتحاد الأوروبي عبر الوزارات المختصة».