على التلال المطلّة على محمية وادي الحجير، من لم يمت بالزبالة مات بغيرها! قريباً من المكان الذي كان مكباً للنفايات ولأطنان من الأدوية والأمصال قبل أن يُقفل بالشمع الأحمر، بقرار قضائي منذ عامين، شُيّد معمل جديد لتدوير الاطارات المستعملة.في منطقة «جبل الجماعة»، في بلدة برعشيت (بنت جبيل)، تُجمع آلاف الاطارات من مختلف المناطق، حيث تُحرق وتُحوّل بعض مخلفاتها الى زيوت. للوهلة الأولى، تبدو فكرة المعمل بيئية بامتياز، كونها تساهم في التخلص من الاطارات المستعملة. لكن، بعد شهور عدة على بدئه العمل، بدأت الآثار السامة بالظهور. ويروي سكان المنطقة أن رائحة الغاز بدأت تنتشر في المنطقة في أوقات مختلفة، ما أدى الى تزايد حالات الدخول الى المستشفيات. وبعد احتجاجات عديدة توقف المعمل، بحسب رئيس بلدية برعشيت علي فرحات، مؤقتاً على أن يستأنف العمل من جديد وفق شروط بيئية أفضل.
مصدر متابع أكّد لـ«الأخبار» أن المعمل «يحمل ترخيص بناء فقط، ولم يحصل على ترخيص من وزارة البيئة، علماً أنه يحتاج الى موافقة الوزارة وادارة المحمية»، لافتاً الى أن المخالفة «مغطاة سياسياً». فيما حذّر رئيس بلدية عيترون سليم مراد من أن «الأحياء السكنية المجاورة لبلدتي عيناتا وكونين تتعرض لمخاطر صحية وبيئية مختلفة، بسبب دخان المعمل ومحارق مكبات النفايات العشوائية». ونبّه الى خطر التلوث على «المياه الجوفية في نطاق محمية الحجير والتي يستخدمها أبناء المنطقة».
معمل لتدوير الاطارات المستعملة يوزّع سمومه على قرى المنطقة


يذكر أن أربعة مكبات للنفايات تندلع حرائقها يومياً على كتف محمية وادي الحجير، وتتوزع أضرارها على القرى والبلدات المجاورة، وتتسرب سمومها الى المياه الجوفية التي أصبحت، بسبب مخالفات بيئية، مورد المياه الرئيسي لآلاف المواطنين، بعد حفر العديد من الآبار الارتوازية في وادي المحمية، يتم ضخّ مياهها الى القرى والبلدات المجاورة. وأدّت هذه الآبار، اضافة الى نحو سبع آبار أخرى تم حفرها في وادي المحمية، الى جفاف نبع الحجير.
ملايين الدولارات التي تم انفاقها على بناء عدد من معامل فرز وتخمير النفايات في بنت جبيل ومرجعيون، لم تفلح في القضاء على مشكلة النفايات، بعد أن تحوّل عدد منها مراكز لتجميع النفايات وحرقها بسبب زيادة كلفة التشغيل وسوء الادارة. وأوضح رئيس اتحاد بلديات جبل عامل علي الزين لـ«الأخبار» أن الاتحاد الأوروبي وافق على بناء معمل كبير ومتطور لفرز نفايات بلدات اتحادي بنت جبيل ومرجعيون، «لكن المشكلة اليوم في اختيار المكان المناسب». ولفت الى أن المعامل الصغيرة «أثبتت فشلها، نظراً لكلفة تشغيلها الباهظة، وبناء معمل كبير يخفف من هذه الكلفة، ويساهم في الاستفادة من كمية النفايات الكبيرة لتوليد الطاقة».