«إذا ضبطتم تخلّصوا من هاتفكم بأيّ طريقة: حطّّموه، أو ارموه. المهم ألّا تسلّموه». هذه كانت إحدى النصائح المقدّمة حين يتعرّض أحد أفراد «مجتمع الميم» للاعتقال، ضمن جلسة حوارية أول من أمس في جمعية «موزاييك» التي تعنى بقضايا الجندر وحقوق الفئات المهمشة. رفض تسليم الهاتف إلى القوى الأمنية لن يأتي بنفعٍ كبير إذ سيضطر الشخص إلى تسليمه بناءً على إذن يستحصل المخفر من المدّعي العام. هنا، من الأفضل التخلّص منه قبل التحقيق أو الأفضل أن لا يحمل الهاتف «دليل إدانة» الشخص (أدلّة على المثليّة الجنسيّة) في داخله. «اتّصِلوا بمحاميكم فوراً» نصيحة بديهيّة، ولكن أساسيّة، تقدّمها المحامية ليال صقر في الجلسة. لكنّ المفارقة أنّ القانون لا يلزم بالسماح للمحامي بحضور التحقيق الأولي في المخفر، وبالتالي فهذا الاتّصال «محدود المنافع». لكنّه يبقى ضروريّاً. أمّا الفحوصات الشرجيّة التي عادةً ما تجرى للمثليين للتثبت من المثلية، فتحثّ صقر الأشخاص على رفض الخضوع لها لما فيها من تعرض لكرامتهم. وهذه الفحوصات نفسها تحدّث العديد من الأطباء عن عدم جدواها طبيّاً في أن تكون دليلاً قاطعاً حول المثليّة. وفي 2012، أصدرت النيابة العامة التمييزية التعميم رقم 39 الذي ألزم الأطباء بالحصول على موافقة الشخص قبل إجراء الفحص الشرجي له. لكنّ يُستخلص من التعميم نفسه أن الرفض قرينة على المثليّة الجنسية. وقد تعارض القرار في حينها مع تعميم نقيب أطباء لبنان شرف أبو شرف الذي طلب فيه من الأطباء الشرعيين عدم القيام بالفحوصات الشرجية لإثبات المثلية الجنسية، تحت طائلة الملاحقة المسلكية.تشير صقر إلى أنّ الوضع حاليّاً أفضل بالنسبة للمثليين عمّا كان عليه منذ سنوات، بعد سلسلة أحكام صدرت عن قضاة الدرجة الأولى رفضت تجريم المثليّة، وآخرها الحكم الصادر مؤخّراً عن محكمة استئناف جبل لبنان في اعتبار المثلية ليست جرماً، كأول محكمة من الدرجة الثانية يصدر عنها هذا القرار في لبنان. «لكنّ الوضع ليس بأفضل حالاته»، مذكّرةً باعتقال منسق النشاطات في جمعية «بيروت برايد» هادي دميان منذ حوالي شهرين.
حتّى في الاعتقال هناك تمييز بين المثليين والمثليات، فاعتقال المثليين أكثر شيوعاً بكثير من اعتقال المثليات «حيث يجد المجتمع صعوبةً أكبر في تقبّل المثليين من الذكور» على ما قاله مشاركون في الحوار.
هذه النصائح أصبحت معروفة لكن التذكير بها كلّ فترة ضروريٌّ في ظلّ الانتهاكات المستمرّة بحق «مجتمع الميم» في لبنان. الجلسة حملت اسم «الواقي القانوني» على قاعدة أنّ الوقاية لـ«مجتمع الميم» في لبنان لا تقتصر على الجنسيّة منها إنما القانونية أيضاً، وهي الجلسة الأولى في سلسلة جلسات شهريّة مشابهة ستقيمها الجمعية.